لسنا هنا بصدد فتحِ ملف معركة برلين لعام 1945 وعرض تفاصيلها الحربية التي تتوجت بالقضاء على النازية واختفاء ” ادولف هتلر ” , لكنَّ نقطةً ستراتيجية جرى اداؤها وممارسة لعبتها الذكية بكفاءة من قبل الجيوش الغربية والشرقية التي دخلت برلين , حيثُ عند استكمال استحضارات المعركة المقررة والإنتهاء من وضع لمساتها الأخيرة , اجتمع قادة ورؤساء اركان تلكم الجيوش وحدّدوا ساعة الصفر للشروع بالهجوم الكاسح , واتّفقوا واكّدوا أنْ تتحرك قواتهم في نفس الدقيقة واللحظة المحددة , لكنّ ما حدث لم يكن كذلك .! فقد ادركوا اولئك القادة مسبقاً ” وبشكلٍ منفرد لكلٍّ منهم ” أنّ مَن تبدأ قواته بالتقدم قبل ساعة الصفر بقليلٍ سوف يكسب مساحةً اوسع من اراضي العدوّ او اجزاءً اكبر من العاصمة برلين , وهذا ما كان بالرغم أن جيوش دول الأتحاد السوفيتي كان لها الثقل الأكبر في المعركة .
والى ذلك , فيبدو في استقراءٍ استباقيٍّ لمعركة الموصل المقبلة , أنّ القوات التي ستخوض المعركة بدءاً من البيشمركة ” التي تمتلك جبهة المواجهة الأوسع على الأرض من الجهتين الشمالية والشرقية للموصل , وكذلك الوحدات العسكرية التركية المحدودة العدد والعدّة ” والتي نتوقّع أن تزداد اعدادها تدريجيا او دفعةً واحدة قبل موعد الهجوم , ثم يأتي دور القوات العراقية والحشد الشعبي من المحور الجنوبي ” الأضيق مساحة ” , ولا نهمل هنا دور ” الحشد الوطني ” من تشكيلات عشائر الموصل والأقضية القريبة منها , ثمّ الدور التكتيكي الخطير الذي تتولاّه المقاومة السريّة داخل مدينة الموصل , فلا نستبعد إطلاقاً أنّ القوى الرئيسية في المعركة وخصوصاً في ” محورها الشمالي ” سوف تقوم بدور مماثل او اخطر مما جرى في معركة برلين . وليس لنا سوى انتظار المفاجآت المفاجئة وغيرها كذلك .! , وبذلك وبالإندحار المؤكد للدواعش والذي سيكون لطيران النحالف الدولي الدور الستراتيجي لحسم المعركة , فأنّ معركة ما بعد التحرير ستغدو بلا ادنى شك هي المعركة الأصعب من معركة التحرير , والتي يدركها الرأي العام العراقي مسبقاً وكذلك الحكومة المركزية في بغداد ومعها قيادات احزاب الإسلام السياسي , ولكن ما فائدة هذا الإدراك الّلامقرون بردٍّ فعلٍ استباقيٍّ ومخطّط له بالعناية المركّزة او الفائقة .! , انها حالة الترقّب الجمعي لهول المجهول .!
