حينما تتعرض الشعوب، إلى تهديد مصيري، أو كوارث ونكبات كبيرة، تستنفر كل طاقاتها، وإمكاناتها البشرية والمادية؛ لدفع الأخطار، التي تهدد تلك المجتمعات.
قد أبتلينا بداء خطير، أصاب الجسد العراقي، هو الجراثيم الداعشية القاتلة، بعد أن توفرت لها، الحاضنة المناسبة لنموها، فنمت وتكاثرت في ذلك الجسد، الذي أعياه المرض والإهمال؛ ولكن لكل داء دواء، وإن طال أمد الشفاء.
تشير الإحصاءات الرسمية، إلى أن عدد الموظفين في العراق، قد بلغ أرقاما قياسية، بالنسبة لعدد السكان في العراق، إذ بلغ عددهم، أكثر من ثلاثة ملايين موظف، عدا العقود والأجور والمتقاعدين، فالنتيجة لدينا جيش، من البطالة المقنعة، وتلك الظاهرة تلفت الإنتباه؛ لأن ذلك الجيش المقنع، يأخذ راتبا كاملا، من الدولة دون نفع، هذا عدا جيوش الفضائيين، الذين أثير موضوعهم، في المدة السابقة؛ ولكن دون حساب أو عقاب، ونحن في حرب ضروس مع الدواعش.
نحن اليوم بأمس الحاجة، إلى مقاتلين متطوعين أشداء، في معركتنا المصيرية، مع الإرهاب الداعشي، تلك الطاقات البشرية الكبيرة، والمبعثرة في الوزارات، من الضوروي إستثمارها وتشجيعها؛ للإنخراط في صفوف الحشد الشعبي؛ لإنها ستعطي إضافة كبيرة، لإخوانهم المقاتلين معنويا وماديا، وسيخفف العبئ على الدولة؛ لأن رواتبهم تصرف، من وزاراتهم التي فرغوا منها.
لا حضنا أن أول من بادر، إلى هذا الأمر المهم، هو وزير النقل باقر الزبيدي، بعد قراره بمنح تفرغ، للموظف الذي يرغب، الإلتحاق في صفوف الحشد الشعبي، وهذا ليس غريبا، من رجل ذو عقلية أمنية وإستراتيجية، أن يبادر إلى هكذا قرار، كلنا نتذكر تحذيراته، من خطورة الدواعش، ودخول الجيش داخل المدن، وأن القتال سيكون على اسوار بغداد، فلم يسمع أحد تلك التحذيرات، فحلت الكارثة بالجيش وبالعراق، وكدنا أن نسقط في الهاوية؛ لولا العناية الإلهية، التي ألهمت مرجعنا المفدى، فتوته بالجهاد الكفائي.
بعد هذا القرار من وزير النقل، صدر قرار آخر، من مجلس الوزراء، في غاية الأهمية، الذي أعطى الضوء الأخضر، لمن يرغب، في تعزيز صفوف المقاتلين، في الوقت الذي نعيش فيه، أزمة مالية وعدم صرف رواتب، لبعض المتطوعين فإن هؤلاء، لم يكلفوا الدولة، أي مبالغ إضافية.
إن النصر لا يرتبط دوما، بكثرة عدد المقاتلين، وإنما بالصبر والثبات، وفي القرآن الكريم، والسيرة الإسلامية، شواهد عديدة(إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا).