لا شك ان الوضع الامني في العراق يخضع للتأثيرات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية ، اذ لا ريب ان هناك اتساقاً في التأثير بين الوضع الإقليمي والدولي من جهة وبين الوضع الداخلي من جهة اخرى ، وقد تحاول بعض الأوساط التشويش والفات النظر عن الانتصارات المتحققة في الداخل الى احداث الخارج الساخنة ، الا ان الوضع الامني في الآونة الاخيرة كان لافتاً في تطوراته وشكّل انتقالة سريعة في الأحداث العسكرية الجارية في صلاح الدين والانبار وكذلك الانتصارات المتحققة في جبهة تكريت ، وربما تتجه بوصلة التحرير نحو الموصل في المستقبل القريب ، لان الهدف هو تطهير كامل المناطق التي استحلها الارهاب الداعشي .
اغلب التقارير الغربية تشير الى ان الوضع الامني في العراق مرتبط بعوامل إقليمية وتدخلات خارجية تلعب دوراً رئيسياً في التذبذب الحاصل في هذا الملف ، اضافة الى الأسباب الداخلية والتي تتمثل بالعلاقات السياسية بين عموم الكتل السياسية والتي انعكست بالسلب على الوضع الامني والاجتماعي في البلاد .
ان الاسباب الجوهرية للاختراقات الامنية الاخيرة في العاصمة بغداد فيمن ان نعزوها الى ما يلي :-
1) تعويض الخسائر المتكررة للتنظيمات الارهابية وخصوصاً داعش ، في صلاح الدين وديالى والانبار ، والتي منيت بخسائر كبيرة ، وتفتيت اغلب شبكاتها العنكبوتية وحواضنها الارهابية .
2) فتح جبهات أخرى لها لتخفيف ضغط القوى الامنية على هذه المجاميع ، ومحاولة فتح هذه الجبهات في العاصمة بغداد ، من خلال اثارة موضوع النازحين ، والدفع بهم باتجاه العاصمة بغداد ، وأثارة ضجة اعلامية من جهة ، وفتح ثغرات في الجبهة الغربية للعاصمة بغداد .
3) أعتقد ان الاعتماد على النصر المتحقق للقوى الامنية في صلاح الدين هو ما جعل القوات الامنية يصيبها شي من البرود والتهاون ، في الاستمرار في ضرب الاوكار الارهابية سواءً في بغداد او في المحافظات الساقطة بيد داعش ، وهذا الشي خطير جداً ، ويحتاج الى اعادة النظر في الخطط العسكرية وتوزيع القطعات العسكرية ، واخذ الحيطة والحذر وبأعلى المستويات .
أما عن التوقعات في حدوث إجراءات امنية حاسمة فأني اعتقد ، لا يمكن للملف الامني أن يتقدم ما لم يكن هناك تقدم ونجاح سياسي ، من خلال تفعيل ملف المصالحة الوطنية ، وإيجاد ارضية بين المكونات السياسية ، لان اليوم الفضاء السياسي يغزوه انعدام الثقة ، وعدم وجود ممثلية حقيقية للأخوة السنة ، لهذا نجد اليوم الكثير من الاصوات السنية ، ولكن من يمثل السنة فعلاً لا نعلم ؟!!
اعتقد أن الملف الامني سينجح اذا تحققت اسس المصالحة الوطنية وتفعيلها والتي تحتاج الى تكاتف الجميع مع وجود النية الصادقة في بناء عراق جديد يعيش فيه المكونات السياسية والمذهبية بحرية ورفاه