روي عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) انه قال : سرك أسيرك فإن أفشيته صرت أسيره.
وجاء في تراثنا الشعبي بهذا الصدد : حجاية بين شفتين تصير بين الفين.
وغير ما استعرضت من الامثلة كثيرة على اهمية كتمان الاسرار، نظرا لما قد تشكله هذه الجزئية من قيمة اخلاقية للفرد او المجتمع، بالاضافة الى دفعه الخطر والضرر عن بلاد بأكملها .
كتمان السر العسكري يعد الاهم في مرحلتنا الحالية، بالاخص تلك الاسرار المتعلقة بالعمليات الامنية الجارية في محافظة الانبار وصلاح الدين، والتي تشكل ثيمة مميزة لتفوق القوات الامنية والحشد الشعبي على تنظيم داعش.
وسائل الاعلام تزخر بين الفينة والاخرى بتصريحات لمسؤولين حكوميين وعسكريين، عن اختراق منظومات داعش سواء المختصة بالاتصالات، او ادخال عناصر استخبارية في صفوف التنظيم، تصريحات تثير استغراب المواطن البسيط، وتعطيه أملا بالانتصار في بعض الاحيان، ولكن كيف يراها داعش ويستغلها لصالحه هنا تكمن الكارثة.
من المعلوم ان تنظيم داعش يمتلك اذرعا ومصادر استخبارية داخل القوات الامنية، بالاضافة الى امتلاكه منظومة اعلامية ضخمة تتجسد بمؤسسات احترافية مثل “الفرقان والحياة و…..الخ” والتي من شأنها رصد الهفوات واستغلالها لصالح التنظيم ، وتسهم بالتأكيد في تغيير ستراتيجيات المعارك اذا اقتضى الامر.
ان الكشف الحكومي الدائم للاسرار العسكرية، ليست اكثر من محاولة للتبجح امام العالم بأنها قادرة على خرق صفوف تنظيم داعش، ولكنها في الوقت ذاته اغفلت اسهام هذه المسألة في تغيير منظومات اتصال التنظيم التي يتداول من خلالها “بالاخص خلال المعارك” تحركات عناصره، وخططه العسكرية، فكم من نداءات كشفت عن توجه انتحاريين نحو مواقع للجيش والحشد الشعبي في صلاح الدين والانبار، واسهمت بانقاذ ارواح العديدين، وكم من شبكات اتصال اخترقت ومنحت اسماء لقياديي التنظيم البارزين على طبق من ذهب للجهات الاستخبارية واسهمت بتصفيتهم دون عناء اختراق صفوف التنظيم.
اتقوا الله في حربكم ضد تنظيم داعش واحرصوا على استغلال مصادر تفوقكم الاهم من الطيران والسلاح المتطور خلال العمليات البرية، ولا تبددوها بالتباهي وسوء التصرف، لتتسببوا بقلب معارك كبرى لصالح التنظيم وفي ايديكم الانتصار.