17 نوفمبر، 2024 10:32 م
Search
Close this search box.

كردستان الى أين ..؟

كردستان الى أين ..؟

•       نجل الطالباني يستقيل من منصبه .
•       ولاية مسعود الثالثة وصورة من صراع المالكي
•       اقليم السليمانية ينضج على نيران الانتظار
•       برهم صالح وحلم الخلافة
•       معركة برزاني وزعامته التاريخية وعقبة الديمقراطية
•       حتى آب القادم لاصوت للرصاص
•       خانقين .. حلبجه . كركوك اضافة للسليمانية مقابل اربيل ودهوك
•       بغداد تتربص الدوائر ببرزاني لكنها تراقب من بعيد
•       مثل دعم صدام حسما لصالح اربيل .. من يدعم اليوم ؟ ومن يحسم ؟
•       هل يأكل اقليم السليمانية حلم بارزاني بدولة كردية ؟
 
لم يحصل الاكراد على طول صراعهم مع الانظمة الحاكمة على مبتغاهم وبقيت الدولة الكردية حلما يداعب خيال الحاكم والمحكوم في آن واحد , الحاكم لي يمارس السلطة باسم الاكراد والمحكوم ليحقق حلمه في العيش تحت كنف دولة تحمل اسمه القومي وحصلوا على حكم ذاتي في بداية سبعينات القرن الماضي كان منقوصا وعرضة للمتغيرات واقليم اقرب مايكون الى نواة دولة قادمة في العهد الديمقراطي لكن هذا الاقليم الذي يعيش استقرارا امنيا يعاني من الخلافات المستمرة مع الحكومة المركزية بسبب تناحر الارادات بشكل مكشوف اذ يسعى القائمون على السلطة الى الاستقلال بعد الحصول على كل مقوماته من الدولة الام ويسعى القابضون على مقاليد السلطة في البلد الام ( العراق ) الى وئد هذا السعي مما جعل الاقليم وحكومة بغداد في حالة تشبه حالة الحرب المعلنة احيانا وخذ وطالب اخرى . وعلى طول الصراع مع الحكومات ولدت زعامات كردية تاريخية ومنطقتي نفوذ ( اربيل والسليمانية ) ورث جلال زعامة السليمانية وورث مسعود برزاني اباه وانشطار قيادة القضية الكردية الى زعامتين تقليديتين جعلها عرضة دائما لتناحر الارادات او تصادم المصالح حتى وصل بهم الحال الى تشكيل حكومة خاصة بزعامة كل منطقة نفوذ ووصل الاختلاف المتحول الى صراع ذروته في عام 1996 واحتربت الزعامتين فاستعان البرازاني في نهاية الامر بحاكم بغداد ( صدام حسين ) الذي جعل جيوشه تجتاح اراضي الاقليم لدحر عدو حليفه بعدها وضع الاقليم تحت حماية الامم المتحدة وامريكا لاضعاف الحكم في بغداد فتمت تسوية الامور بين الزعامتين وتشكيل حكومة واحدة وبعد سقوط نظام صدام ودخول القوات الامريكية الحليفة للاكراد  وحدت المصلحة بين الزعامتين وتم تقسيم السلطات والمكاسب وتصرف كلا من طالباني وبرزاني بذكاء ووفق المعطيات على الارض فاصبح طالباني رئيسا للعراق وانفرد برزاني بحكم الاقليم والتأسيس لزعامة لاتخرج عن بيت ( الملا مصطفى ) بعيدا راغم وجود ما يسمى بـ( الديمقراطية ) فترسب كل شيء بما فيها جمر الخلافات تحت رماد القضية الكردية وصراع حكومة الاقليم مع المركز  من اجل الحصول على المكاسب والسعي لتحقيق الدولة الكردية ( الحلم ) وبما ان ظاهر الديمقراطية هو الحاكم في الاقليم لم يبقى على تاريخ التاسع عشر من آب القادم الا شهرين تقريبا وهو موعد انتهاء ولاية برازاني الثانية والتي لايجوز له تجديدها بموجب دستور الاقليم وهو المصر على البقاء رئيسا مدى الحياة سواء كان اقليم او دولة مستقلة باعتباره الوريث الشرعي للزعامة التاريخية للاكراد لذا ستدفع رياح الاختلاف القادمة بالرماد بعيدا لكي يظهر جمر التناحر بكل اشكاله وربما يعيد قضية الاحتراب بين الزعامتين لكن من دون صدام حسين وقد تلعب الحكومة المركزية لعبة متقنة في اذكاء الاحتراب من اجل تصفية حساباتها مع شركائها من الطرفين وربما تكون احد عوامل الحسم او تغليب طرفا على اخر في صراع لايصب في مصلحة القضية الكردية وحلم الدولة على الاطلاق وانما يخدم توجه حكومة بغداد في بقاء كردستان ضمن العراق وهو توجه موافق لتوجهات جيران الاكراد والعراق الكبار ( تركيا وايران ) اللذان لايرغبان برؤية دولة كردية سواء في العراق او في المناطق التي يشكل الاكراد اغلبية فيها وتقع ضمن حدودهما وهم عادة ما يوجهون اللوم لبغداد ودمشق اللاتي يعانين من تخلخل اوضاع الحكم فيهما مما شجع الاكراد على التلويح بالاستقلال المنافي لرغبتهما وبنظرة بسيطة على تحركات اطراف الصراع الكردي الداخلي نجد :
(يقول النائب عن حركة التغيير امين بكر في تصريحات اقترب انتهاء الولاية الثانية من رئاسة بارزاني في التاسع عشر من آب (اغسطس) المقبل ورغبة الاخير في التجديد له لولاية ثالثة وهو ما يتعارض مع دستور اقليم كردستان الذي ينص على تحديد فترة رئيس الاقليم بدورتين متعاقبتين فقط ولا يحق له التجديد او التمديد، الا في حالة واحدة تتمثل في تغيير المادة الدستورية الخاصة بذلك، وهذا أمر مستبعد في المرحلة الراهنة.).
ومن يتابع وسائل الاعلام والقنوات الفضائية الكردية في اربيل والسليمانية يلحظ بوضوح ان قضية اقليم السليمانية باتت الشغل الشاغل للكثير من السياسيين والنواب والمثقفين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لها
وحركة التغيير التي انشقت عن حزب جلال طالباني قبل سنوات واصبحت منافسا له وحصلت على مقاعد في برلمان كردستان وبرلمان بغداد اليوم تجمعها المصلحة والهدف المشترك ضد الحليف والعدو القديم الجديد . في حين يسعى بارزاني وقيادات حزبه الى التقليل من اهمية الامر ،  اعتمادا على الوقائع التي  تشير الى ان حزب الاتحاد الوطني الذي تعرض الى سلسلة صراعات سياسية في قمته العليا خلال السنتين المنصرمتين وغياب زعيمه التاريخي جلال طالباني بسبب مرضه متناسين انه  بدأ ينتعش شيئا فشيئا مستغلا مشروع اقليم السليمانية لتنشيط دوره وتدعيم مركزه بعد ان اصابهما الوهن في الفترة القصيرة الماضية.
ويقول مراسل لاحد الوكالات من اربيل : ان قياديي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رغم المحاولات التي يبذلونها لاخفاء قلقهم من اقليم السليمانية، الا انهم سرعان ما يستشيطون غضبا عند الحديث معهم بهذا الشأن ويبدأون بلعن ما يسمونه بـ(الخط الايراني) في حزب مام جلال، ويؤكدون ان هذا الخط الذي يقوده القيادي البارز في الحزب ( عادل مراد ) هو وراء الدعوة لاقليم السليمانية تنفيذا لاجندة ايرانية (على حد قولهم).وينسب الى مسؤول الامن الاول في اقليم كردستان مسرور بارزاني وهو النجل الاكبر لمسعود(ان دعاة اقليم السليمانية استغلوا انشغال الاقليم بمحاربة داعش وبدأوا يسوقون مشروعهم الانفصالي لمصلحة ايرانية واضحة ) ويضيف مسرور: ان طهران تأخذ على والده انه وثق علاقاته مع تركيا، ووافق على اقامة قاعدة امريكية للتعاون والتنسيق في اربيل، واصراره على تنفيذ برنامج (رؤية للغد) الذي يتضمن استفتاء عاما للشعب في الاقليم بخصوص تقرير المصير واعلان الدولة الكردية في كردستان الجنوبية، ويضيف ان هذه القضايا الثلاث تواجه بـ(لاءات) ايرانية معروفة. في حين يتهم قياديو حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير وبعض الاحزاب الاسلامية الكردية (عائلة بارزاني) بانها تحتكر السلطة والمال والنفط والسلاح في الاقليم، ويطالبون بضرورة تنحي مسعود بارزاني عن رئاسة الاقليم في المرحلة المقبلة واختيار رئيس آخر بدلا منه في العشرين من آب (اغسطس) القادم في وقت يتم فيه تداول اسم برهم صالح ليخلف بارزاني في منصبه. ومما شجع دعاة اقليم السليمانية واغلبهم من قياديي حزب الاتحاد الوطني وحركة التغيير الذين تجاوزوا مشاكلهم الحزبية القديمة، على المضي قدما في مشروعهم، انهم نجحوا في تحويل قضاء حلبجة الى محافظة ويسعون الى اقتطاع قضاء خانقين من محافظة ديالى والحاقه بالسليمانية والاستعداد لاعلانه محافظة كردية جديدة اضافة الى استمرار سيطرتهم على مدينة كركوك، وهذا يعني بحساب واقعي بسيط للنفوس والمساحة، ان اقليم السليمانية ( المحتمل ) سيتألف من اربع محافظات (السليمانية وحلبجة وخانقين وكركوك) تشكل مساحتها ضعف مساحة محافظتي اربيل ودهوك وبعدد من السكان يفوق تعداد نفوس المحافظتين اللتين ستبيقيان بحوزة بارزاني الذي يستبعد اعلان الاقليم الموازي لاقليمه ويقول انه (أضغاث احلام).
موعد انصرام زمن الولاية الثانية قريب وطالباني الذي تنازل عن رئاسة الجمهورية لرفيقه معصوم ومعه حزبه وحركة تغيير وبعض الاحزاب الاسلامية يرون ان اقليم السليمانية هو رد منطقي على على برزاني فيث حالة تمسكه بولاية ثالثة واستمرار زعامته ويعرفون تماما ان هناك اطرافا محلية ودولية تتطابق مصالحها مع مصلحتهم مستعدة للوقوف معهم في حالة الاحتراب في حين سيحرم برزاني من وجود صدام جديد يقف بجانبه في حرب (كسر عظم ) يخوضها مع حلفاء الامس الذي يعرفون مواطن قوته وضعفه كمعرفته لها , وربما يكون ( برهم صالح ) السياسي الذي حفر له مكانا مميزا في اجندات امريكا ودول الجوار وحكومة المركز كسياسي لامع ويمكن التعاطي معه بديلا لبرزاني في حال الوصول الى تفاهم واقتناع مسعود بترك الحكم ولو لفترة واحدة كما يفعل بوتين روسيا اما في حالة الرفض وقيام اقليم السليمانية فسيشتد الصراع على زعامته بين مام جلال نفسه او ممثلا بابنه وبين برهم صالح نفسه وفي كل الاحوال انفصالا او احترابا سيكون المستفيد الاكبر هو حكومة بغداد ومسعود الخاسر الاكبر اذ تذهب السلطة ونفط كركوك ورئاسة الاقليم .
حتى التاسع عشر من آب القادم  على الحراك الكردي ازاء هذه القضية الخطيرة ان يصل الى نقطة مفصلية ، اما الافتراق بسلم وهدوء بين شركاء الامس او العودة للاقتتال الكردي ـ الكردي وفي كلا الحالتين فان حلم الدولة الكردية سيصبح بعيد المنال  ويتعرض الاكراد الى هزة عنيفة تفقدهم السلاح الذي طالما هددوا به بغداد بتقرير المصير واعلان دولتهم  كلما اشتد الصراع مع حكومة المركز .

أحدث المقالات