انتهى مؤتمر باريس لمكافحة الأرهاب وهوَ بالأساس قد عقد لمناقشة السبل الكفيلة لمواجهة تمدد ( داعش ) مع انه تنظيم شكل لأرباك الواقع العربي والشروع بخارطة جديدة للشرق الأوسط . وما يهمنا هو كيف يمكن لنا ان نوقف هذا السرطان الذي انتشر في العراق بفعل سياسات فوضوية دكتاتورية أوجدت حواضن له في عدد من المحافظات التي تشعر في انها قد تعرضت لقسوة في التعامل خاصة في الولاية الثانية للسيد المالكي والتي شهدت كوارث لن ينساها التأريخ .
ومع نهاية مؤتمر باريس خرجت علينا تقارير واخبار وتسريبات اعلامية على ان القوى العالمية التي تسمى بالتحالف الدولي قد أمهلت العبادي مدة ثلاثة اشهر لتنفيذ الأصلاحات السياسية مقابل تنفيذ خطة ستراتيجية يمكن ان تخلصنا من داعش وأخواتها . ومن يطلع على النقاط الثلاثة التي اشارت اليها التقارير يجد بالفعل ان العراق الآن بحاجة ماسة الى تفعيلها بأسرع وقت من اجل جمع القوى للتخلص من داعش واخواتها .
وعند عودة السيد العبادي الى العراق وانتشار تلك التقارير والأخبار خرج علينا المستشار الصحفي لرئاسة الوزراء نافياً ومشيراً الى عدم وجود اية شروط لدول التحالف . وهنا علينا ان نناقش الأمر بروية وواقعية . فكان على السيد العبادي ان لايذهب للمؤتمر على اعتبار ان العراق يمر بمرحلة عصيبة وحرب ضروس في جبهات داخلية عدة في الموصل وتكريت والرمادي وكان الأولى به ان يرسل احد مستشاريه للمشاركة في المؤتمر ولكن يبدو ان أمر الأهتمام بالحرب على داعش ليس ضرورياً بالنسبة للمسؤولين فالأمر متروك للجيش والشرطة والحشد الوطني وهم يواجهون حرارة المعركة وحرارة الصيف ويقدمون الضحايا دفاعاً عن العراق . وهو أمر لايحتاج الى دليل أذا ماعرفنا ان البرلمان معطل لنهاية فصله التشريعي والكثير من أعضائه يقضون اجازة استجمام في العديد من الدول الخارجية . الأمر الآخر هو ان تصريح مستشار رئيس الوزراء الأعلامي يشير الى ان الحكومة لم تنفذ اصلاحات رغم مرور اكثر من 8 اشهر على تشكيلها وكان عليه ان يأخذ جانب الصمت او يبرر على ان الحكومة ملتزمة فيما يخدم الشعب ونحن نعرف ان مايخدم الشعب هو تغيير في العملية السياسية من خلال اصلاحات واضحة تعيد اللحمة الوطنية الحقيقية بين ابناء الوطن الواحد وهذا لم يحصل ولن يحصل لأسباب عديدة أولها ان سياسة الحكم في العراق ترسم في الخارج وتنفذ في الداخل وهو أمر غير قابل للشك والسبب الثاني هو ان الأستقرار في العراق يعني انهاء عمليات النهب والسلب لأنتفاء أسبابه العديدة وأهمها الجانب الأمني ما السبب الثالث وهو الجوهري هو ان الأصلاحات تعتمد على موضوعة المصالحة وتأمين السلم المجتمعي وهذا يعتمد على اصدار قانون العفو العام الذي يسمح للمواطنين بالأندماج من جديد في المجتمع ومن ثم يمكن اختراق داعش من الداخل والتصدي له وهذا لم يحصل فالعفو العام سيكشف مجازر حقيقية ارتكبت في السنوات الثمانية الماضية والتي كان آخرها بعض الناجين من مجزرة سبايكر حسب روايات ذوي الضحايا على ان قسم من ابنائهم قد تم وضعهم في سجون سرية . فضلاً عن ان القوانين العقابية يجري تطبيقها على عامة الناس البسطاء أما المسؤلين في الحكومة وزرائها واعضاء برلمانها ومنتسبي رئاسات وزرائها ومجلس نوابها ورئاسة الجمهورية فهم بعيدين عن القوانين العقابية وبذا فهي لاتحتاج الى قوانين للعفو العام التي تصدر في كل دول العالم في الأعياد والمناسبات اما نحن فلا اعياد لدينا ولامناسبات
لذلك يبدو ان الحكومة تشعر براحة تامة من سياساتها طالما انها محصنة في المنطقة الخضراء التي شيدتها امريكا ومارست جرائمها من خلالها وكل المسؤولين الحكوميين لايعنيهم مايجري فهم بعيدين عن الواقع المؤلم كونهم صنعوه لغيرهم فقصورهم عامرة وحماياتهم على حالها لايعرفون للتقشف طريق ورواتبهم جارية دون تأخير بعد ان كانت لهم حصصاً في العقود والمناقصات كجزء من المحاصصة ليكونوا ثروات جلها من اموال الشعب ان لم تكن جميعها وبالنتيجة الذي كان يسكن بالأيجار منهم اصبحت لديه املاك وعقارات في نخلات دبي وشوارع لندن وغيرها من الدول وحسابات بالدولار واليورو وليذهب العراقي الى الجحيم فحصته موجودة من التهجير والنزوح والعشوائيات والفقر والتسول في الشوارع والتقاطعات ., لماذا أذاً يصدعون رؤوسهم بشيء يسمى مصالحة وتغيير نحو الأستقرار ثم أن موضوعة المصالحة سوف تبقى شعاراً يستخدم في الأنتخابات فقط وليعش العراقي في قهر وظلم وجور فالقناعة واضحة ان الأفاعي لايمكن ان تلد عصافير . هذه الحقيقة اصبحت واقع مر وعلى من يدعي انه يعمل من اجل المصالحة السكوت رجاءاً فلقد بلغ السيل الزبى . وحسبنا الله ونعم الوكيل .