بعد ان صممت الولايات المتحدة على استهداف العراق عسكريا وبغض النظر عن إجماع الأمم المتحدة وان لجوئها للامم المتحدة كانت محاولة لكسب شرعية دولية لاغير من اجل اسقاط نظام الحكم الصدامي … اختلفت الاراء والتخمينات فيما يحدث وما سيحدث ونحن كعائلة اختلفت ارائنا انا واخوتي وابناء اخي الذين من هم بعمري , وانقسمنا على بعضنا فمنهم من يرى هذا التدخل بالشان الداخلي واعتبره نوع من الاستعمار الجديد ,ومنهم من يدافع عن النظام بحجة الانتماء الى الحزب الحاكم اذ يعتبر الحزب حزبا وطنياوهذا العمل جزء من مؤامرة ضد الامة العربية وقضيتها المركزية القضية الفلسطينية وان هذا العمل لصالح اسرائيل ,ومنهم من كان قلق بشان نتائج دخول قوات التحالف الى العراق وما يحشده النظام من موارد بشرية للمواجهة وما سيؤدي من خسائر كبيرة بالارواح والاموال..
اما انا فعلى الرغم من مشاعري الكبيرة اتجاه وطني وحبي الكبيرله اذ يبكيني خدش صغير في رصيف شارع مدينتي البائسة . رضيت بكل ما يحدث وما سيحدث مقابل الخلاص من ذلك النظام الفاشي المستبد الذي افقدني اصدقاء الطفولة ورفاق الصبا الشهداء : عادل زهير , ستار رشك , عدنان عودة , سعد حسون ,جاسم جواد,رزاق عبد ,واخرون , حتى الحبيبة التي ساوت طموحي ومتاعبي ما عادت لي ولم يبقى مني غير جسد وبعض ذكريات .
هكذا رضيت بدخول الامريكان الى بلدي وتدنيس ترابه الطاهر مقابل الخلاص من ذلك الكابوس كنت اعرف حجم الدمار والخسائر التي سيقدمها العراق مقابل ذلك ولكني كنت دائما اقول لو قدمنا نصف الشعب العراقي ضحايا وانا منهم طبعا من اجل ان يعيش النصف الاخر احرار وبسلام وامان ,
كنت امني النفس باحلام وردية على الرغم من ان امريكا عدوي الطبقي السياسي والانساني منذ ان فتحت عيني على سياسة القهر والحرمان واستغلال الشعوب ….ومع كل ذلك اعتقدت ان امريكا ستصنع انموذج في المنطقة لتباهي به الشعوب ليس من اجل عين العراق ولكن من اجل ستراتيجيتها الجديدة … من اجل امريكا …ستجعل العراق جنة على الارض لتقول للاخرين هكذا ارادت امريكا للعراق , بل ستتمنى شعوب المنطقة هذا الاحتلال الجديد الذي يغير سلطاتها الدكتاتورية وشكل اوطانها . والظاهر انني لم افهم السياسة الامريكية جيدا ,واتضح لي ان هذه الاوهام والاحلام الوردية ذهبت مع الريح الممتزجة بغبار سرف دبابات الاحتلال الهمجية …وعلى الرغم من ان كل المواقف ليس فقط ابكتني بل رفعت الدم الى قمة راسي . حتى ان سقوط تمثال الطاغية ابكاني لاادري لماذا ؟. ربما ان سقوط العراق اصبح امر واقع بسقوط ذلك الصنم !ام ان سقوطه كان يعني في داخل اعماقي سقوط عراقي على الرغم من همجيته ورعونته ؟ ولكن ذلك الفعل كان يعني تجاوز على الكرامة العراقية وهذا وحده يكفي لبكائي بل لنحيبي ,
وهكذا تعاقبت الحكومات من مؤقتة الى ائتلافية الى حكومة دولة القانون وانا ادافع بكل ما املكه من قوة من اجل ان تنتصر العملية السياسية والاحفاظ على منجزات التغيير رغم من اني لم اشاهد او اشعر بطعم التغييروكنت مع الذين يدعون الى الصبر والتحمل والوقوف مع الحكومة لانها امام تحديات كبيرة متمثلة بالارهاب والفساد وبقايا النظام المباد وكنت اغض الطرف امام عمليات الفساد الحكومي الكبيرة وضياع الارواح والاموال وكنت اقنع نفسي بان لابد للتجربة الديمقراطية من تضحيات …وهكذا مرت الايام والازمات المتعاقبة وكنت معك يادولة رئيس الوزراء في قرار محاربة كل الفصائل المسلحة وان السلاح يجب ان يكون بيد الدولة دون ان يستغل لاغراض سياسية لجهة او اخرى …كنت معك بعدم اعطاء تنازلات للاخوة الاكراد في حالة رفع مطالبهم التي تتعدى الاطر الدستورية او القانونية …وكنت معك يادولة رئيس الوزراء في عدم التجاوب مع مطالب الارهابيين وبقايا البعث المندسين مع المتظاهرين اصحاب المطالب المشروعة . كنت معك يادولة الرئيس بعدم الاهتمام لتصريحات قادة الكتل الاخرى معتبرذلك قوة وتحمل وعدم استفزاز وكنت احسدك على سعة الصدر والوقوف بحزم اتجاه الملمات ..ولكني اليوم لست معك يادولة رئيس الوزراء… فالعراق اليوم يأن تحت نير الارهاب والمجرمون ..وابناء القوات المسلحة من الشرطة والجيش يقتلون بدم بارد وارواح الابرياء تذهب الى بارئها مضلومة ,المئات من المدنيين يموتون وانت لم تهتزلك شعرة اي قسوة قلب هذه التي لم نعهدها في عراقي غيور ,لقد كانت حجتك ضعيفة , ضعيفة جدا وشعرنا بكبريائك فوق دماء الابرياء ,اننا نعرف ان اصحاب الحق قادرون وغيرخائفون من المواجهة ومن يمتلك الدلائل والحجج لايخاف مواجهة حتى الاعداء كذلك دمائنا تستحق ولو قليل من التنازل …انا لست معك يا دولة رئيس الوزراء