تلويح بالتقسيم
لوحت الولايات المتحدة قبل أيام بمشروع يقسم العراق إلى ثلاثة أقاليم الإقليم السني والشيعي والكوردي, أذ طرح الكونغرس فكرة تسليح السنة والكورد, دون الرجوع للحكومة المركزية, وهذا مؤشر واضح على التعامل مع تلك المكونات بإستقلالية تامة, تمهيداً لفرط عقد البلاد والشروع بعملية التقسيم.
ردود أفعال
رفض شعبي وسياسي لمجرد طرح الفكرة, وأستياء عام أرسل رسالة ألى الكونغرس الأمريكي, وقبلاً منه الولايات المتحدة مفادها أن مصير العراق يحدده العراقيون وحدهم, ولن يكون لهم خيار آخر سوى الوحدة, ردود الأفعال على المستوى الشعبي والرسمي, أكدت أن التقسيم لم ولن يحصل.
تجارب مشابهة.. وتقسيم لم ينجح
التجربة اللبنانية أحد أهم التجارب في المنطقة العربية, التي عولت عليها الدول الإستعمارية الأوروبية والعربية المتصهينة, التي أرادت تقسيم لبنان بعد الحرب الأهلية بهدف أضعافه, الا أن التقسيم لم يحصل على أرض الواقع, رغم أن شيعة لبنان يقطنون الجنوب, والمسيحيون في الوسط, والسنة في الشمال , الا إن أقامة الأقاليم في لبنان لم تتحقق على أرض الواقع, وهذه تجربة تقسيم أولى قد وأدت.
العراق .. ومعوقات التقسيم
أحد أهم معوقات مشروع التقسيم في العراق هي التنوع الإثني القومي والديني فالهويات الأثنية القومية في العراق تضم العرب, والتركمان, والأكراد, والهويات الأثنية الدينية تضم الشيعة السنة, المسيح الصابئة, اليزيدين الشبك, وضمن تلك الإثنيات القومية تنوع ديني, ينبثق عنه مكون له خصوصية مختلفة, والكلدو آشور مثال حي على ذلك ,فكيف سيكون التقسيم طبقاً لتلك الأثنيات المتنوعة؟ تلك عقبة أولى, العقبة الثانية أن كبرى القبائل العراقية مختلطة, فيها سنة وشيعة مثل تميم وخزاعة عبيد وشمر, فإذا فرضنا سيحصل التقسيم, يجب أن تشطر هذه القبائل إلى شطرين! العقبة الثالثة أن نسبة الزواج المختلط بين الشيعة والسنة يصل إلى ما يقارب 27%, وهذا يعني أن وهذا يعني أن من بين كل أربع عراقيين, أب وأبناء من مذهب وأم وأخوال من مذهب آخر, فكيف ستقسم هذه العوائل؟
معضلة جغرافية
أذا فرضنا أن المعضلات السابقة تم تجاوزها, فهناك معضلة أخرى تقف عائقاً أمام التقسيم ,الا وهي أزمة التقسيم الجغرافي, المقدسات الشيعية كأضرحة أهل البيت( عليهم السلام) تقع في مناطق ذات أغلبية سنية, وهي موضع تقديس لدى أصحاب المناطق السنية أيضا, ولن يتخلوا عنها ,وكذلك معظم المقدسات السنية, تقع في مناطق ذات أغلبية شيعية, وهي موضع تقديس لدى أصحاب المناطق الشيعية, ولن يتخلوا عنها أيضا, وكل متمسك بما هو في أرضه, فكيف يتم تقسيم تلك المناطق والمحافظات جغرافياً على هذا الاساس؟
خصوصية مختلفة
يتميز العراق طبقا لما ذكر أعلاه بخصوصية في النسيج المجتمعي, فهو متداخل بحكم طبيعة التعايش لسنوات طويلة, وبحكم التاريخ والإرث المشترك, هذا من جانب, من جانب آخر العراق غني بالمقدسات الإسلامية, وطبيعة وجودها في رقع جغرافية مختلفة من أنحاء البلاد, تضفي خصوصية أخرى للعراق, كل تلك المعطيات تصعب عملية التقسيم, فلا يمكن تمزيق النسيج المجتمعي, فهناك روابط تحددها صلة الدم بينما يفرض الموقع الجغرافي للمقدسات, على أبناء المذاهب المختلفة روابط روحية يصعب تجاهلها.
أسباب متعددة ونتيجة واحدة
كل تلك الأسباب الآنفة الذكر تؤدي ألى نتيجة واحدة, مفادها أن التقسيم مشروع ولد ميتاً, فمن يتحدث ويروج للمشروع لا يعرف طبيعة العراق, فهو ينظر ألى ظواهر الأمور, وبعيد كل البعد عن الحقيقة, لأنه من يروج للتقسيم يجهل خصوصية العراق فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقال, والأيادي التي تسعى لفرط عقد البلاد ليس بمقدورها أن تحقق ذلك, الا أذا أجتزأت الإرث التاريخ وروابط الدم والدين, وهذا هو المحال بعينه.