23 نوفمبر، 2024 10:11 ص
Search
Close this search box.

السيدة ملايين وعار اللجنة العليا الخاصة بالنازحين

السيدة ملايين وعار اللجنة العليا الخاصة بالنازحين

يقول الجواهري العظيم :
يا نازحَ الدار ناغِ العوَد ثانيةً وَجِس أوتارَه بالرفقِ واللينِ

لعلَ نجوى تُداوي حَرَ أفئدةٍ بِها الحزازات تَغلي كالبراكينِ

لعلَ عُقبى مناغاةٍ مُخفَفةً حمى عَناترَ صفينٍ وحطينِ

لا يخفى على احد الحال الكارثي الذي تعرض له أبناء محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين وهم يقبعون بين مطرقة داعش وسندان الصمت والعجز الحكومي عند نزوحهم من مناطقهم ، فبقائهم في مدنهم يعني إنهم من أنصار داعش ولن يسلموا ( على ريشاتهم ) عن دخول الجيش والحشد الشعبي لمناطقهم والشواهد على ذلك كثيرة ، وإذا تركوا مدنهم فالمصيبة أعظم وجسر بزيبز ونظرية الكفيل التي تفتقت عن عقلية ساسة العراق وقادته الأمنيين خير شاهد على ( البهذلة ) التي يعانيها النازح وهو يترك مدينته إلى مكان آخر من عراق النزوح .

الذي يحدث في العراق هو إعادة صياغة للفسيفساء ( كما يقول الجعفري عليه مني السلام ) للأديان والطوائف والاثنيات التي تميز بها المجتمع العراقي لمئات السنين وما تهجير المسيح والشبك والايزيديبين إلا مثال صارخ على ذلك ، وإعادة الصياغة هذه تتم وفق نظرية حدود الدم فلكي يتعايش ( س ) مع ( ص) لابد أن تكون بينهما مشتركات في الدم أو الدين ( بشكل أدق المذهب ) ، ويحدث هذا عن طريق تقويض الثقة بين المكونات المجتمعية المختلفة في العراق ، وتشكيل انقسامات أيدلوجية ودينية وطائفية وأثنية فالمسيحي والايزيدي لا يثق بالمسلم والمسلم السني لا يثق بالمسلم الشيعي وهكذا ، وهذا يخلف ندوبا اجتماعيا من المستحيل محو آثارها أو الحد منها على المدى المنظور.

كعادة حكومات الفساد في العالم يتم تشكيل لجان عند حدوث أي مشكلة تم تشكيل اللجنة العليا لإغاثة النازحين في العراق برئاسة المطلك صالح (عليه من الله ما يستحق ) فجماعتنا ( الساسة ) لا يعرفون كيف يتجنبون الكارثة وإنما ينتظرون وقوعها حتى تشتغل عقولهم القاصرة لدفع بلاء المشكلة ، ولكن الذي حدث إن أموال أعضاء اللجنة العليا من السحت الحرام زادت نتيجة ( الفرهود ) من أموال النازحين ، وبقي النازحون يعانون شظف العيش في مخيمات لا يعلم سوءها إلا الله وأولياءه .

يتفق العراقيون على إن أعضاء اللجنة العليا للنازحين لصوص بامتياز وبدون استثناء ، بل نستطيع القول إن كل ساسة العراق لصوص من الطراز الأول ( وأبيضهم نجس مثل فراخ الجلبة ) حسب المثل العراقي ، ( لم يشهد التاريخ الإنساني أعمال سرقة من المال العام مثل التي حدثت وتحدث في عراق ما بعد 2003 ) ، كما لم يشهد التاريخ البشري نزوح كالذي حدث ويحدث في المنطقة العربية حيث أن اللاجئين العرب يشكلون ثلث عدد اللاجئين في العالم مع العلم إن عدد سكان المنطقة العربية لا يتجاوز 5% من سكان العالم .

الذي يعنينا من كارثة النزوح التي حدثت في المنطقة هو نزوح المواطنين العراقيين من مناطقهم إلى مناطق أخرى في داخل العراق وخارجه والعجز الحكومي عن احتواء هذه الكارثة ، لذلك انبرت فئة من الشباب العراقي الذي تنعقد عليه الآمال لإيجاد حلول ولو بسيطة للتخفيف عن النازحين فتم تشكيل منظمات شبابية محترمة للعمل والتبرع لإغاثة النازحين وهم بهذا قد عبروا الطائفية المقيتة والبغيضة التي أشاعتها الحكومة وساستها من مختلف الطوائف والذي صب في النتيجة في مصلحة داعش الإرهاب والشر، والشباب العراقي الواعي يحاول جاهدا أن يلملم ما خلفته السياسات الحكومية من كوارث وأخطاء وهذه تحسب له كونه الفئة الواعية الوحيدة في العراق .

لكن أن تنبري راقصة عراقية ( السيدة ملايين ) ذات سمعة سيئة بحسب المعتقدات الدينية والاجتماعية في العراق ( رغم إني لا اتفق مع الرأي القائل بأن سمعتها سيئة حيث أنها أتحفتنا برقصات من الروعة بحيث خففت علينا أعباء الدهر ونوائبه ) لتشارك بإقامة حفل راقص تستعرض فيه جسدها الممشوق ورقصها الجميل ليكون ريعه للنازحين فهذه قضية يجب التوقف عندها والنظر لها بتأمل وروية ، فَغَيرةُ راقصةٍ تحركت ولم تتحرك غَيرةُ رئيس وأعضاء اللجنة العليا للنازحين ، وثبت بالدليل القاطع إن إنسانية الراقصة لا تقارن بالإنسانية المعدومة لدى قيادات البلاد السياسية وأعضاء ومسئولي ملف حقوق الإنسان في عراق . وإن نظرية الراقصة والسياسي كما صورها الإعلام المصري عن طريق فلم لعب بطولته الرائعة نبيلة عبيد يجب أن يتم الاهتمام بها بالشرح والتفصيل وتسليط الضوء على شريحة الراقصات والفنانات باعتبارها شريحة مظلومة في مجتمعاتنا الشرقية ، فأسوء راقصة هي أحسن من أفضل سياسي .

يبدو أن مقاييس الشرف في العراق مختلفة عن غيرها في بقية بقاع الأرض ، فأخلاقيات الراقصات تتحرك وتنتفض لإغاثة النازحين ، ومن اللطيف إيراد حادثة قديمة حدثت في بدايات القرن العشرين حيث قامت إحدى بنات الهوى في بغداد تدعى ( روجينا ) ذات الأصول اليهودية بتهريب تابوت مليء بالمصوغات الذهبية إلى إسرائيل مساهمة منها في بناء وطنٍ لاستقرار أهلها اليهود ، ولك سيدي القارئ أن تقارن بين أخلاقيات روجينا رحمها الله وملايين أدامها الله وبين ساستنا الأفاضل عليهم لعائن الله والتاريخ لتكتشف أن الأخلاق ومعايير الشرف في العراق نسبية وليست مطلقة .

تحية احترام وتقدير للسيدة ملايين وهي ترقص من أجل قضية النازحين ( لأنها لا تملك سوى الرقص تتبرع به لقضية النازحين ) .

الخزي والعار لكل سياسي ومسئول تاجَرَ واستغلَ قضية النازحين وسرقَ أموالهم ورقص على جراحهم .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات