23 ديسمبر، 2024 7:55 م

داود سليم ألفت/93

داود سليم ألفت/93

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}

مبكرا أدرك الشهيد داود سليم الفت علي، البالغ من العمر، ثلاثين عاما فقط، ان لله علينا حقوق، يتوجب أن نوفيها، في الدنيا؛ كي نتقاضى جزاءها في الآخرة.. “ولسوف يعطيك ربك فترضى” وقد أعطاه.. سبحانه وتعالى.. الشهادة، مفازة مجد للجنة.. زاهدا بالدنيا.. مقبلا على الآخرة.

سفر عجالة

عاش الشهيد ألفت، سفرا من الحكمة العجلى، تلقاها، خلال سيره، بين رأسي قطعة المستقيم، الممتدة بين ولادته، في العام 1944 ورحيله المبكر.. نائلا شرف الشهادة بحق، العام 1974.

داود متزوج، يسكن مدينة الكوت.. مركز واسط، عمل عسكريا، الى ان إعتقلته مديرية أمن المحافظة، مخفورا الى “العامة” بسبب الانتماء الى حزب الدعوة الاسلامية؛ فأعدم وكأن الانسانية جمعاء، حزت أعناقها بسيف بعثي مهول، أمام الله والتاريخ.

علما بأن ليس من صلاحية الامن إلقاء القبض على عسكري، فسلطتها تطال المدنيين فقط، وفي حال إرتكاب جريمة ما توجب إداعه معتقلات الامن؛ فانه يسفر بأقرب وقت الى الإستخبارات العسكرية، لكن عند تعلق الامر بكرسي الحكم، تتداخل السلطات، وتتضافر الصلاحيات، ويتحول الدستور الى حرباء متلونة حسب مصالح البعث، ضد الشعب!

فرج المرتضى

“ضاقت ولما إستحكمت حلقاتها.. فرجت وكنت أظنها لا تفرج” بيت شعر من نضح حكمة الامام علي.. عليه السلام، إنطبق تماما على واقع حال الشهيد داود، وهو يتلظى عذابا، بين أمن الكوت ومديرية الامن العامة، في بغداد.. كابد آلاما مبرحة تهد الجبال وتفسر البحار وتطفئ البراكين، وحين أقبل الموت، بغيبوبة لا يقظة بعدها، شهيدا بين يدي بارئه، إستشعر بين كرى الموت الدنيوي وصحو الحياة الأخروية، أن أبا الحسن، يتلقاه يغسل وجهه بيده الكريمة.. فائقة النور، التي ثبتت دين محمد.. صلى الله عليه وآله، بسيف ذي الفقار…

عاشت عائلة الشهيد التركماني الاصل.. عربي الإنتماء لأهل الكوت، عذاب مضايقات من حزب البعث، بقيادة الطاغية المقبور صدام حسين، وكان نائبا لأحمد حسن البكر، يهمش رئيسه الهش، الذي لم يقل إجراما عنه، إلا بما تفرضه حكمة

العمر، بإعتباره جنرالا متقاعدا قبل إنقلاب 17 تموز 1968، وجيء به رئيسا لتعزيز وضع صدام ريثما يبلغ الحلم؛ فبلغه ودمرنا سجونا واعدامات وحروبا وعقوبات دولية تحاصرنا جراء حماقاته، وافظعها غزوه دولة الكويت الشقيقة.

“ربنا لك الحمد، مهما إستطال البلاء”.