علمتنا الرياضيات، أن الواحد مصدر الأعداد ومفنيها، وأن الواحد لا يمكن أن يوجد ما هو أصغر منهُ إلا بتقطيعهِ وتقسيمه، ولذلك نشأت الأعداد الكسرية.
والكسر في اللغة يعني النُزر القليل والجزء الضعيف، ومنهُ إذا قامت القبيلة بمعاقبة أحد أفرادها السيئين، فأنها تكسر عصاته أي تطردهُ، ويعتبر ذلك إهانةً لهُ، أكثر من كون الطرد سيسبب لهُ أضراراً مستقبلية، في حياته العامة.
ما يمرُ به العراق اليوم، من ضروف عصيبة، سببتها أطراف خارجية خبيثة، وأُخرى داخلية ساذجة مضحوكٌ عليها، جعلت الأدارة الأمريكية الحاقدة تفكر دوماً في تقسيم الأراضي العراقية، ولنا أن نسأل: هل أن أمريكا جادةٌ فعلاً في تنفيذ مشروعها هذا؟ أم هو ورقةُ ضغطٍ ليس إلا؟
أعتقد بأن أمريكا غير جادة بمشروعها هذا، أو أنها أجلته إلى زمنٍ آخر، ولا أراه قريباً أبداً، ذلك أنها أدركت بأن إيران سيسهل عليها إبتلاع عراق مقسم بسهولة، هذا من ناحية خارجية، وهو إفتراض أمريكي، إذ أن عراق قوي موحد، هو ما تسعى إليه إيران أن يكون بجوارها، وليس عراقاً مقسماً مليئاً بالمشكلات، التي الصداع المزمن لها.
أما من الناحية الداخلية، فلو تماشينا مع الإعتقاد السائد الذي يفترض تقسيم العراق إلى ثلاث دول، شيعية في الجنوب، سنية في الوسط، وكوردية في الشمال، فأن الرابح الوحيد، أو من سيكون أكثر إستقراراً هي دولة الشيعة، ذلك أنهم اليوم يمسكون مفاصل الدولة ولهم قوات مسلحة ومتدربة وقوية، بينما لا يمتلك الطرفان الأخران ذلك، وكذلك سيتم دعم الدولة الشيعية سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً من الجارة إيران، بينما سيقع الأخران في مستنقع النزعات والصرعات والحروب الذاتية.
ثمة مشاكل تواجه دولة السنة، فمن سيحكم؟ داعش أم زعماء العشائر أم حزب البعث؟ وأين هو مركز الحكم؟ هل هو تكريت؟ أم الموصل، أم الأنبار؟ إن هذه الـ(أم الأستفهامية) تخفي بين طياتها ألاف المشاكل، من الماضي إلى الحاضر، ولذلك فمن الغباء أن يطالب السنة بالأنفصال عن العراق.
لا يختلف الكورد عن السنةِ كثيراً، فمن سيحكم؟ البرزانيون( وقد بانت بوادر الأختلاف بينهم)؟ أم الطلبانيون؟ أم التغيير الذين يرفضون سياسة البرزانيين جملةً وتفصيلا؟ وأين هم بين أكراد الدول المجاورة؟ وهل سيقبل عبدالله أوجلان بهذا؟
إنَّ الموضوع شائك ومعقد جداً، لذلك قلنا في عنوان مقالنا ما قلناه، لأنهُ حكم العقل لا حكم العاطفة، ولكم أن تختاروا.
بقي شئ…
ستذكرون قولي هذا، ولاتَ حين مندم!