كثرت الانتكاسات السياسية والعسكرية في حياة العراقيين، وآخرها انتكاسة ماجرى في الانبار من هزائم مريرة ، حتى انهم لم يعد يعرفوا للنصر من معنى، وأن الهزيمة اصبحت ( ثلثي المراجل ) من وجهة نظر قادة العساكر في الزمن الأغبر!!
هزيمة مرة وانتكاسة مريرة شهدتها الانبار خلال الساعات الماضية، تكاد قد حولت مأساة العراق الى واحدة من أكثر المآسي ألما في النفس ، ان يصل حال هذه المحافظة العزيزة ذات التاريخ العريق الى ما لايليق بأهل الانبار، ولا يتفق مع أبسط قيمهم ، في ان العقال الذي إرتدوه فوق رؤوسهم كان على الدوام علامة يشهد لها العدو قبل الصديق انها كانت محل تقدير واحترام اخيار العالم، واذا بهذا العقال يتهاوى صريعا، يلعن اقداره التعيسة التي اوصلته الى هذا الحال الذي هو أسوا ما عرفه تأريخ أهل الانبار على مر العصور!!
كانت المؤامرة التي تم اعدادها ، لخذلان أهل الانبار كبيرة جدا، شاركت فيها دول كبرى وأخرى مجاورة للعراق، وكانت “داعش” إحدى ادوات الاجرام لتلك الصناعة التي أعدتها لنا دول الجوار، وبمباركة من قوى كبرى، كانت تمدها بكل وسائل الدعم والاسناد، حتى حرمت أهل الانبار من فرصة التقاط انفاسهم، وهم أقرب الى ( مقاتل أعزل ) لاحول له ولا قوة، أمام طغيان وجبروت ادوات الدمار التي امتلكتها داعش، وأرعبت الكثيرين بقدرتها على تحقيق ( مكاسب عسكرية) ، بالرغم من انها تستغل الانهيارات العسكرية وتستولي على اسلحة العساكر ، بإستخدام إسلوب الحرب النفسية لارباك الخصم، وإرغامه على الهزيمة قبل ان يواجهه في الميدان!!
ان افراغ الانبار من اهلها يبقى الهدف الرئيس لكل تلك الجولات من الحروب الداعشية الاقليمية، وكسر شوكة أهل الانبار هو الهدف الأساس ، وما يجري من تهجير لاهلها الان، وعدم قبولهم حتى كنازحين الى محافظات أخرى ومنها بغداد، يدخل في إطار محاصرتهم بشتى انواع الحصار، ولم تواجه كل شعوب الارض ما واجهه أهل الانبار من أهوال وفواجع ونكبات، كانت خارج دائرة التحمل ، وخارج حدود المنطق بكل تأكيد!!
وما جرى في الانبار أمر يثير الاستغراب والحيرة وحسرات الألم تعتصر قلوب ليس أهل الانبارومحافظات المكون العربي مثلما يطلق عليها، ، بل كل العراقيين الخيرين الذين وجدوا في المشهد العراقي تخبطا وارتباكا، حتى ان العساكر تهرب من أول وهلة يتم فيها اطلاق الرصاص أو يجري تفجير سيارة مفخخة على مقربة منهم، مايدل على ان القوات المعدة للمواجهة ليس سوى ( خراعة خضرة ) سرعان ماتنهار في الساعات الأولى في كل مواجهة تحدث مع داعش!!
بقي اهل الانبار منذ أشهر يستصرخون ضمير العالم وحكومتهم ودول المنطقة بأن تقدم لهم الدعم والاسناد لمواجهة خصم يمتلك من ادوات الحرب، ما يربك الآخر حتى بدون ان يدخل في مواجهة معهم، ولكن كل مناشدات أهل الانبار ذهبت أدراج الرياح!!
كان المخطط للانبار ان يتم احتلالها بأية طريقة، والسيناريو الاخير للهزيمة غير المبررة، حدثت لأنه لايراد لأهل الانبار ان يحققوا أي ( نصر) من أي نوع على داعش، بل كانت قوى عراقية تتحين الفرصة لكي تحدث الهزيمة، علها تحصل على مبتغاها، في ان تكون بديلا عن أهل الانبار في ان يكون بمقدورهم تحرير محافظتهم، وحصل ماحصل !!
كان المخطط معدا مسبقا..وحتى ( الهزيمة ) هي معدة لكي ( تكتمل السبحة ) ويخرج العساكر، وتنهزم القوات بعد اتفاقات وتفاهمات جرت، يعرفها حتى الطفل الرضيع، بأن ماحدث في الانبار من هزيمة مريعة كان مدبرا، وكانت جهات معينة تراهن على حدوث المعجزة وهي ( الهزيمة ) ليحلو لها الجو وتدخل الميدان، لكي يقال انه بدونها لن يتحقق نصر عسكري على داعش لا في الانبار فحسب ، بل في كل المحافظات التي سقطت تحت سيطرة داعش، وما ستشهده الايام المقبلة من سيناريوهات، يؤكد هذه الحقيقة المرة، المفجعة، ولكن..لنرى ونراقب المشهد، لنتيقن ماذا سيحدث من فواجع ، وكم تنهار مدن ، وتتهاوى قلاع!!
حفظ الله الانبار من كل مكروه، ومحنة اهلها تكاد تتفطر منها القلوب، بعد ان بلغت الاهوال بهم كل مبلغ، حد ان العقل لم يعد يصدق مايحدث لهم من فواجع ونكبات تتوالى ، ولا توجد بارقة أمل، تنقذهم من حالة الضياع، سوى رحمة رب السموات والأرض، بعد ان يعيد سبحانه قلب الموازين، ويكون لأهل الانبار شرف ان يحرروا محافظتهم من ربق داعش، ويقبروا المخطط الاجرامي الدولي الاقليمي الذي أعد لمحافظتهم، لكي لايبقى لأهل الانبار من ( وقفة مشرفة ) لكن الاقدار كفيلة بأن تعيد لتلك المحافظة هيبتها، بالرغم من كل ما يخطط لها من تآمر وما تحاك ضدها من مؤامرات..ولن ينكسر ( أهل المكارم والمراجل) بعون الله،الى ان يقبروا تلك المؤامرة ويلقنوا من اعدها لهم الدرس البليغ، الذي يلعن حظه العاثر الذي ورطته الاقدار في ان ينال من عزيمة أهل الانبار..وهو مايامله ملايين العراقيين لأهل الانبار في أن يرفعوا رأس العراق والعرب من جديد!!