كتب الكثيرين عن داعش منذ بداية نشأتها الى اليوم وسيستمر الحديث عنها والحديث ذو شجون . آراء وافكار و وجهات نظر مختلفة لنتذكر قليلاً ادوار اجهزة المخابرات للدول الاستعمارية الفاعلة في مناطق الصراع ومنه على وجه الخصوص منطقتنا العربية , هذه الاجهزة التي يطلقون عليها ( جيوش الظلام ) تخطط وتبني حالات ومشاريع تصب في المصلحة الاستعمارية وتمكينها من السيطرة والاستحواذ على ماتريد السيطرة عليه , والحقيقة التي يجب ان لا تغيب عن الذهن وتبقى ماثلة امام السياسين والمثقفين هي ان هناك حرب على قوى المقاومة الفاعلة في المنطقة العربية سواء تمثلت في التشكيلات الاسلامية او القومية او العلمانية , تشنها الدول الاستعمارية الاساسية المعروفة اميركا واسرائيل وايران تساندها بريطانيا وفرنسا والرجعية العربية وعملائهم في المنطقة .
من اعظم انجازات المخابرات الاميركية في المنطقة العربية في الوقت الراهن هي ( داعش ) متفقة مع اسرائيل وايران والنظام العراقي والسوري وحكام الخليج هؤلاء تجمعهم مصالح مختلفة في هذا الجانب . قبل استعراض هذا الموضوع والخوض فيه علينا معرفة ان القيادات الرأسية هي فقط من يعرف ويتواصل في ما بينها بشكل خفي وسري للغاية .
بداية الامر تشكلت داعش من مجاميع مسلحة تسليح بسيط محدودة العدد حالها حال الكثير من المنظمات والتشكيلات الاسلامية الدينية السنية مثل القاعدة و جبهة النصرة في سوريا وانصار بيت المقدس في مصر و بوكو حرام في نيجيريا و جماعة المرابطين في الجزائر وعدد آخر من التشكيلات في مختلف دول العالم الاسلامي . تبلورت داعش ونمت وتطورت واصبحت بهذا الحجم الكبير والتسليح القوي والحديث الذي يوازي مثيله في ما تمتلكه دول المنطقة . بفعل صانعيها ممن ذكرناهم , وكان للنظام العراقي الدور البارز في تسليح داعش في زمن نوري المالكي عندما كان رئيساً لوزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة ووزيراً للدفاع . اعطى الاوامر لقادة الفرق العسكرية وعددها اربع فرق بتركها والانسحاب من المناطق المتواجدين فيها مع ترك اسلحتهم الثقيلة والمختلفة مما سهل سيطرة داعش عليها بسهولة ويسر . وبالتالي استخدامها في اهدافها المرسومة لها .
في بداية الامر علينا معرفة المنتمين الى داعش وما هي الحوافز التي تدفعهم لذلك وما يتمنونه ظاهر الامر يتكونون من ثلاث فئآت .
الفئة الاولى ـ المجاهدين في سبيل الله : المجاميع التي يسيرها هذا الحال هي الاخطر والمطلوب تصفيتها وانهائها , لأنها تشكل خطر قائم وكامن والمطلوب جرّها الى منطقة القتل .
الفئة الثانية ـ المنتقمون : المنتمية لداعش والتي تأتي بالمرتبة الاخرى من اهتمام صناع داعش هي المجاميع التي تنتمي وهدفها الانتقام من الدول والجهات التي تسببت في اذيتهم واذية عوائلهم مثل اميركا وايران والنظامين العراقي والسوري واتباعهم في المنطقة مثل حزب الله .
الفئة الثالثة ـ المرتزقة : الباحثين عن مصدر دخل لأعالتهم وعوائلهم .
من اهم ما تقوم به داعش والذي يصب في مصلحة مؤسسيها , أولا تسببت داعش في تعطيل وتخريب الثورة في كلٍ من العراق وسوريا وتمكنت من انهاء ائتلاف فصائل المقاومة ( ستة فصائل ) معتدلة انبثقت بعد قيام المالكي رئيس وزراء العراق في حينها بضرب المعتصمين في المحافظات السنية وبغداد والتي كانت تطالب بحقوقها المشروعة أستخدمَ معها المالكي القوة المفرطة قَتَلَ واعتقلَ الكثير منهم . ثانياً تسببت داعش في شل الثورة في سوريا وارباك فصائل المقاومة والجيش الحر واضعافهم وبالتالي ساهمت في انقاذ النظام من السقوط , واعطاء المشروعية للنظام السوري بأستخدام العنف العسكري الى اقصاه وبمختلف اشكاله , هذا الحال صب في مصلحة النظام العراقي والسوري والايراني والاسرائيلي . ثالثاً من اهم ما استفادت اميركا منه في خلق داعش هو جذب كل من له النية والاستعداد والقيام بالجهاد صادقاً في سبيل الله وقتله لأنه يشكل خطراً قائماً على دول العدوان اميركا واسرائيل وايران واتباعهم من دول واحزاب وحتى يصب في مصلحة الصين وروسيا , فمن اهداف اميركا من صناعة داعش هو قتل هؤلاء وتدميرهم مع صمت عالمي مطبق . رابعاً تقوم داعش في قتل الكثير من اهل السنة وتدمير البنية التحتية في مناطقهم بشكل مباشر وغير مباشر نتيجة الصراع بين داعش من جهة والقوات الامنية العراقية والسورية وقوات التحالف من جهة اخرى وقيام داعش بتدمير الآثار والمراقد الدينية المقدّسة والكنائس والأديرة بحجج واهية وغير منطقية . خامساً وهذا مهم جداً ما قامت به داعش من ابعاد المسيحيين والازيديين هذا الحال معروف ومقصود ومتفق عليه بين قيادة داعش وقيادات من صنعها , هدفه الاساس حماية هؤلاء وابعادهم عن مناطق الصراع للحفاض على ارواحهم وعدم زجهم في المعارك القائمة وبضمان تعويض ممتلكاتهم لاحقاً . وليس السبب الانتقام منهم أستغل ذلك لغرض الاساءة للأسلام والمسلمين اعلامياً بشكل واسع محلّيا وعالمياً .سادساً الابادة الجماعية التي يتعرض لها اهل السنة والتغطية عليها بحجة الحرب على داعش , هذا الحال هو احد اهداف ايران والاميركان انتقاماً مما قاموا به تجاه هاتين الدولتين عند احتلالهما للعراق . سابعاً تعطيل وتخريب الاقتصاد العراقي بسبب الصرف المادي الهائل على الجهد العسكري . ثامناً رواج مبيعات السلاح الاميركي والروسي وغيرهم في ادامة زخم المعارك القائمة . تاسعاً استخدام قوات محلية بشرية في محاربة داعش يصب في مصلحة من صنعها , يحاول الاميركان والنظام العراقي زج قوات البيشمركة في حالة الصراع هذه , على القيادة الكردية ان تكون اكثر وعياً وادراكاً وعدم الزج بقواتها في هذه اللعبة , عليها فقط القيام بحالة الدفاع اذا تعرضت لأعتداء من داعش . عاشراً لهذه الدول الصانعة العذر المبرر في ضرب وتصفية من يقوم بمعارضتهم والقضاء عليه بتهمة انتمائهم لداعش . احد عشر ما تقوم به داعش من تصرفات مقززة مثل الذبح والجَلد وغيرها من العقوبات الغير متعامل بها سابقاً والمرفوضة عالمياً تعطي انطباعاً سييئاً عن الاسلام والمسلمين وهذا يصب في مصالح الدول التي صنعت داعش ومنها ايران على اعتبار ان اهل السنة لا الشيعة هم من يقوم بذلك . اثني عشر اعطاء العذر للنظام الايراني والعراقي والسوري بتشكيل ميليشيات بمسميات مختلفة واشراكها في القتال مثل الحشد الشعبي وميليشيات الاحزاب الشيعية الفاعلة حالياً في العديد من الدول العربية . وهذا يصب في مصلحة ايران وتنفيذ مآربها ويعطيها المشروعية للدخول للعراق والعبث في مفاصله السياسية والادارية كيف ومتى ارادت ذلك بحجة محاربة داعش . ثلاثة عشر استفادت دول الخليج من حال داعش لتحاشي اي تطور سياسي متوقع معارض تجاهها وضرب من يقوم بذلك .
ولتعزيز الدليل على ما نقوله ، تصريح اوباما وعدد من السياسين الاميركان بأن محاربة داعش قد تستغرق سنين عدة ربما اكثر من ثلاث سنوات . امداد قوات داعش بالسلاح الغير تقليدي لمثل هذه المجاميع كان مصدره النظامين العراقي والسوري والاميركي وهذا ما جاء على لسان العامري احد قادة الميليشيات العراقية والحشد الشعبي , تسببت داعش بتنصل النظام العراقي من اي واجب يقع على عاتق الدولة في مجال ادامة وصيانة وتطوير البنية التحتية وايجاد فرص عمل للشباب ولمن يحتاجها وإعطائها العذر في تكميم الافواه المعارضة للحكومة ومطالبتها بالعمل على البناء والاستقرار , تم تعطيل التنمية بشكل كامل وابقاء الوضع الامني القلق في عموم العراق وانتشار الفساد المالي والاداري نتيجة ذلك بشكل كبير .
ان هذا الوضع سهل سيطرة اميركا على مناطق الصراع وفعلها المؤثر فيه وابعاد كل خطر عن اسرائيل وديمومة سيطرتها على ما احتلته عام 67 وقبله , واضعاف قوة الجانب الفلسطيني تجاه اسرائيل كل ما ذكرناه يصب في مصلحة صانعي داعش ولا يصب في مصلحة الشعب العراقي او السوري . على كل سياسيي العالم والمنطقة أدراك هذه الحقيقة ولمن لم يدركها وخاصة سياسيي المنطقة سيخسر الكثير . في تقارير موئكدة وموثقة للمخابرات الروسية والمخارات المصرية فحواها ان القيادة التركية مشاركة في موضوع تكوين داعش والتواصل معها وتسهيل ما يعينها من اجراءات لأدامة زخم فعالياتها . والقيادات الخليجية تزودها بالمال الازم لأستخدامه في ادامة فعالياتها والقيادة الكردية وخاصة السيد مسعود البرزاني لهُ علم ايضاً بتكوين داعش ومساهم فيه واعتبار كردستان قناة آمنة للعبور والتواصل وتحويل الاموال والسلاح لداعش
النقيض لداعش والاحزاب الدينية الشيعية الحاكمة في العراق ايجاد تشكيلات علمانية لا دينية تظم جميع المكونات القومية والاثنية , تجمعهم الهوية الوطنية كأساس للعمل والهدف شعارهم الدين لله والوطن للجميع هم من يقودون العراق ويحكمونهُ .