لم يكن سقوط الرمادي خبرا مرعبا، فيما لو قارنا ذلك بكارثة الموصل، قد يكون السبب لكثرة الانكسارات التي مررنا بها، خلال العام الماضي، ولم نختلف مع بعضنا، لو قلنا أن السبب في كليهما، هو سوء الإدارة السياسية، وفشل القيادة العسكرية.
الانتصار الذي حققه الحشد الشعبي في صلاح الدين، لم يتقبله معارضي الفنادق، وكان طعمه مراً عند الإدارة الأمريكية، فقوانين لعبة النفوذ التي صنعها الأمريكان، لازالت تتحدى جميع الدول وأولها إيران، فكيف لهم تقبل مشاركة الجنرال سليماني مع قادة الحشد الشعبي، وهو يحتفل بانتصار تكريت على عدو أمريكا المزعوم “داعش”.
بكل تأكيد الأمر معقد، فبعد ذلك الانتصار، انبرت شخصيات سياسية من الموصل والانبار، وبمساعدة دول وفضائيات، ومؤسسات إعلامية كبيرة، لتشويه صورة ذلك الانتصار، مما جعل رئيس الوزراء يستسلم، ويخضع تحت وطأة المكالمات الهاتفية الأمريكية المتعاقبة.
إبعاد الحشد الشعبي عن مواصلة انتصاراته، كان قرارا أمريكيا، وهدفا لدول إقليمية، تورط في اتخاذه القائد العام للقوات المسلحة، ولو كان بصورة غير معلنة، كلفه ذلك سقوطا مدوياً، وعاراً كبيراً، ستحتفظ به سود الأيام، مثلما كتب التاريخ لسلفه في سقوط الموصل.
قبل سقوط الموصل بستة أشهر، كان هناك نداء حكيم بشأن الانبار، ومبادرة تدعم السلم، وتبعدنا عن لغة الحرب وويلاتها المتكررة، أُقترحَ فيها تقديم الأموال، من قبل الحكومة المتخمة بميزانيتها الفائضة آنذاك، لبناء مدنها وبناها التحتية، لكن المبادرة استغلت طائفيا من قبل “مرجفين”، وقوبلت بالاستهجان والقراءة السياسية الخاطئة من جميع الأطراف.
قصة الانبار وتصرف السياسيين تجاهها، يأخذنا الى أغوار موروثنا الشعبي والاجتماعي، فالمستهجنون كصاحب الأغنام، الذي عليه دفع “جزة الخروف” أي “الصوف”، كضريبة عن رعي أغنامه فـرفض، لكنه أخيرا اضطر إلى إعطاءهم الخروف وصوفه، حتى يضمن حياة أغنامه الأخرى.
اليوم بعد سقوط الانبار، وتهديد بغداد، كان لزاما على المستهجنين، ومن انجرفوا وراءهم بغباء، أن يدفعوا “كوقود للحرب”، أكثر من أضعاف الأموال التي اقترحتها المبادرة، مضافا إليها الدماء الزاكية العبيطة، للمئات من الشباب التي ستخضب بها أرض الأنبار، حتى تستعيد صمودها