بغداد – حفر مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” خنادق حول صهاريج للغاز الطبيعي والهيدروجين في أكبر مصافي تكرير النفط بالعراق لترتفع المخاطر في معركة قد يكون ثمن النصر فيها هو المصفاة نفسها.
وما زال الطرفان يتنازعان السيطرة على مصفاة بيجي رغم أكثر من 300 غارة جوية شنتها طائرات من قوات التحالف في محيطها منذ اجتاح مقاتلو التنظيم المنطقة في يونيو حزيران الماضي.
وشن المسلحون الاسلاميون أعنف هجماتهم على المصفاة في الشهر الماضي وأصبحوا يسيطرون الآن على أجزاء كبيرة من ذلك المجمع الذي أصبح 200 من رجال الأمن العراقيين محاصرين فيه.
وفي الأسبوع الماضي، قالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) إنه لا يمكن التنبؤ بنتيجة المعركة التي تقاتل فيها قوات الأمن العراقية مدعومة بطائرات التحالف الحربية لاستعادة المصفاة من مقاتلي الدولة الاسلامية لكن الوزارة حذرت من أن المعركة تسير “في الاتجاه الخاطئ”.
ويقول مسؤولون وخبراء عسكريون إن تنظيم “داعش” أخذ على عاتقه خوض معركة شاملة هناك ليثبت أنه مازال بوسعه الأخذ بزمام المبادرة بعد طرده من مدينة تكريت الواقعة إلى الجنوب من المصفاة في أوائل ابريل نيسان الماضي.
وتسلط هذه المعركة الضوء على حالة الارتباك التي تسود القوات العراقية التي عانت من بعض التفكك في الصيف الماضي وأصبح يتعين عليها القتال على عدة جبهات وفي الوقت نفسه التشبث بما استردته من أراض.
وقال مهند أحد رجال الشرطة المحاصرين داخل المصفاة “نحن لا ننام كثيرا.” ويصد هؤلاء الجنود هجومين أو ثلاث هجمات كل يوم من المتشددين الذين يستخدمون نيران القنص وقذائف المورتر والصواريخ الباحثة عن الحرارة.
وأضاف مهند أن مقاتلي (داعش) “حفروا خنادق قرب صهاريج الهيدروجين والغاز الطبيعي. لا يمكن للطائرات أن تصيبهم لأن ذلك في غاية الخطورة. وقد نقتل أيضا.”
ويذكر تركيز تنظيم الدولة الاسلامية على المصفاة بمدينة كوباني السورية التي أمضى مقاتلو التنظيم شهورا في محاولة الاستيلاء عليها من مقاتلين أكراد مزودين بأسلحة خفيفة.
وانهزم التنظيم في نهاية الأمر بعد مئات من الضربات الجوية الامريكية لكن الدمار أصاب المدينة.
وقال مصدر أمني عراقي مشترطا الحفاظ على سرية هويته “هم يحافظون على زخمهم مثل كوباني ويواصلون الدفع بالافراد إلى المصفاة.” وأضاف “الفرق الوحيد أن كوباني مدينة وبيجي منشأة صناعية ومن الصعب إدارة معركة داخل منطقة محاصرة من جميع الجهات.”
ويقول محللون ومسؤولون إن قيمة المصفاة التي لم تعمل منذ يونيو/ حزيران الماضي بالنسبة للتنظيم تعد قيمة رمزية في الأساس رغم أن التنظيم قد يتمكن من سحب بعض النفط الخام والوقود من صهاريج التخزين.
وقد ألحق القتال الأخير بالمصفاة أضرارا سيستغرق إصلاحها سنوات لتظل معطلة في وقت يعاني فيه العراق من نقص الايرادات بسبب انخفاض أسعار النفط.
وقال مايكل نايتس، الباحث الزميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه سيكون من الصعب انقاذ المصفاة كمنشأة عاملة.
وأضاف “من المؤسف أن نضطر لفقد المصفاة. لكن بعد أن أخذ تنظيم “داعش” على عاتقه واحدة من تلك المعارك الصعبة فقد سبق السيف العذل… وقد فعلوا ذلك في كوباني ونزفوا لآخر قطرة من دمائهم.”