سبق وأن قلنا أن سبب عدم موافقة القيادات السياسية والعشائرية السنية على تحرير المحافظات التي احتلها داعش، من قبل الحشد الشعبي، هو أن داعش هم أنفسهم أبناء وشيوخ العشائر السنية، وأغلب القيادات العسكرية هم من فدائيي صدام وجهاز المخابرات العراقي السابق وضباط الجيش السابق، وأن أمريكا نفسها مقتنعة تماماً أن هؤلاء يمثلون حوالي 90% من داعش، ولهم الكلمة العليا فيها، وخير دليل أن أغلبهم ملثمون، لذلك فدخول الحشد الشعبي يعني إنهاء هؤلاء في المنطقة، وهم عماد المشروع الأمريكي والخليجي لتقسيم العراق وسورية، أو أقلمتهما، ونتذكر قبل داعش كيف كانوا يرفضون دخول القوات الحكومية الى الرمادي والموصل، بحجة أن هذه القوات مالكية، أو صفوية، أو طائفية، واليوم يطالبون بتواجدها لأنهم اخترقوها، وأصبح من السهل التعامل معها، والذي يجري الآن في زيارة رافع العيساوي هو وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يمثل لب المشروع الأمريكي، ويتضح من خلاله كيف يتم توظيف واستثمار قضية داعش الوهمية، حيث سيتم الاتفاق على تقديم السلاح الأمريكي بيد القيادات السنية، التي تقود مشروع داعش والعشائر التي معه، ومن ثم سيتم ظم الدواعش العراقيين بعد رفع لثامهم إلى القوى التي ستحارب الدواعش الأجانب، وهنا سينسحب هؤلاء إلى سورية، ويتم الإعلان عن الإنتصار وتطهير الأنبار منهم، ونفس السيناريو يتكرر في الموصل وصلاح الدين، بعدها يأتي فصل الإقليم السني وبمساعدة مهمة من أمريكا ودول الخليج، وهذا أول شرط من شروط العيساوي ومجموعته التي تقاتل في الرمادي، وهو الحصول على ضمانات أمريكية مكتوبة بإقامة الإقليم السني.
في هذا السيناريو سيكون الخاسر الأكبر هم العشائر والمشايخ التي تقاتل الإرهاب مع الحكومة العراقية، حيث سيكونون تحت رحمة القوى الجديدة التي تهيمن على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والثقافية في الإقليم السني.
وفي حال أرادت الحكومة العراقية والحشد الشعبي والقوى التي ترفض مشروعي الأقلمة والتقسيم تدارك هذا الأمر، هنا لابد من قرار شجاع وسريع ومحاط بالسرية بالانقضاض على الرمادي وتحريرها، وبعد التحرير ومسك الأرض ستصل أسماء كل المشاركين مع داعش من قبل العراقيين خلال ساعات إلى الجهات المختصة، ولكن هناك تسريبات عن موقف التحالف الوطني، أو لنقل بعض القوى المهمة المنضوية في التحالف، لديها العلم الكامل بكل مجريات سيناريوا تقسيم العراق أو أقلمته ، وهي راضية ولكنها لا تريد أن تكون هي المبادرة في هذا الاتجاه، وهي تعمل على دفع الآخرين للمضي في سلوك هذا الطريق، حتى لا يقال عنها بعد استلامها للسلطة ولأول مرة إنها كانت السبب في تقسيم العراق أو أقلمته..
ولكن البعض يتساءل وهو سؤال مشروع: الكل وصل إلى قناعة بأن بقاء العراق موحداً أصبح غير مرغوب فيه من قبل الجميع، فلماذا يتقاتل المتقاتلون؛ ولا يجلسون على طاولة الحوار ليضعوا النقاط على حروف التقسيم؟, أما آن الأوان للملثم أن يكشف عن وجهه ؟.