لا احد ينكر ان الملايين التي تحيي يوم 25 رجب من كل سنة بمناسبة ذكرى استشهاد الامام الكاظم عليه السلام لا تعرف سوى ان الامام تم سجنه من قبل هارون الرشيد ثم دس له السم ومات ووضعوا جثته الطاهرة على الجسر ودفن في مقابر القرشيين في قبره الطاهر المعروف اليوم في الكاظمية ببغداد .
وما ان يحل يوم 25 رجب حتى تهرع الملايين كمارثون سنوي وتتواجد مئات المواكب لتقديم الاكل والشراب للزوار والكل يلطم ويلطم ويلطم دون كلل او ملل . والحمد لله فان ميزانية العتبة الكاظمية تترفع بورصتها بشكل غير ملحوظ وتصل الميزانية الى المليارات في هذه المنسبة فقط بغظ النظر عن الايام العادية ونفس الحكاية لا نعلم اين تذهب هذه المليارات كمليارات العتبات الكربلائية او النجفية وغيرها من مراقد .
ولكن بالمقابل يوجد نازحين ومحتاجين ومهجرين من الحروب القاتلة بين المليشيات المتعطشة للدم وداعش الارهابية المجرمة ومن المعيب جدا ان هذه الحشود المليونية لا تفكر بحال النازحين ولا بحال المشردين ولا بحال البلاد بل يفكرون بتفكير ضيق كيف يؤمنين عاداتهم السنوي وكيف يؤمنون على بيوتهم الى حد عتبة الدار ورأس الشهر . وانا اجزم ولا فرد من هذه الملايين فكر بسيرة الامام الكاظم (ع) !! ولا احد استلهم كيف يدرأ الطائفية المقيتة بين السنة والشيعة ، تعالوا لترى هل امامنا كان طائفيا او سياسيا او انتهازيا او وصوليا او عميلا لهذه الجهة او تلك ؟؟
ولنقرأ هذه الرواية بتمعن ونرى معاملة الامام مع ابناء العامة (السنة) ولنقارن انفسنا هل سرنا بهذه السيرة العطرة ؟؟
والرواية تقول (( أنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى (عليه السلام) ويسبّه إذا رآه ويشتم علياً (عليه السلام). فقال له بعض جلسائه يوماً: دعنا نقتل هذا الفاجر . فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي وزجرهم أشدّ الزجر، وسأل عن العمري ، فذكر أنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب فوجده في مزرعة، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطىء زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن (عليه السلام) بالحمار حتى وصل إليه فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه ، وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ فقال له: مائة دينار. قال: وكم ترجو أن تصيب فيه؟ قال: لست أعلمُ الغيب. قال: إنّما قلت لك كم ترجو ان يجيئك فيه. قال: أرجو فيه مائتي دينار. قال: فأخرج له أبو الحسن (عليه السلام) صرّة فيها ثلاثمائة دينار وقال: هذا زرعك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو. قال: فقام العمري فقبّل رأسه وسأله ان يصفح عن فارطه. فتبسّم إليه أبو الحسن (عليه السلام) وانصرف.
قال: وراح إلى المسجد فوجد العمري جالساً، فلما نظر إليه قال: اللهُ أعلم حيث يجعل رسالاته. قال: فوثب اصحابه إليه فقالوا: ماقصّتك؟ قد كنتَ تقول غير هذا. قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلتُ الآن. وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام) فخاصموه وخاصمهم. فلمّا رجع أبو الحسن إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري: أيّما كان خيراً ما أردتمُ أو ما أردتُ؟ إنّني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم وكفيت شرّه))
يا ترى هل طبقنا هذه السنة الكاظمية مع اهل السنة ؟
وهل ادينا حقوق الاخوة والعقيدة مع اهل السنة ؟
وهل طبقنا معهم الاصالة وحق الضيافة والاجارة ؟
وهل اعطينا الشيء اليسير من واردات العتبة الكاظمية الى المحتاجين من النازحين وهو كرم الامام ابي الحسن باب الحوائج ؟
وهل سألنا هل نحن فعلا شيعا نسير بسيرة امامنا المظلوم المسموم المهضوم ؟ ام مجرد عاطفة عمياء وهوجاء تجعجع ببغداد وتضيف وساخة الى وساختها وواردات الى ذوي الكروش المترهلة من شباك الذهبي في العتبة ؟؟ لنرادع انفسنا فلو كانا كاظميين حقا لحولنا هذه المواكب الى جسر بزيبز ونفعنا اهلنا واخواننا المسحوقين من داعش والمليشيات كما فعل الامام مع العمري في الرواية اعلاه ولكن انى هذه والجهل مطبق على هذه المجتمع الذي يذكرني بمقالة الامام الصادق عليه السلام عندما ذهب الناس إلى دار الإمام الصادق(عليه السلام) يهنئونه بعودته من الحج فسألوه عن الحجاج وكثرتهم في ذلك العام فقال(عليه السلام) ما اكثر الضجيج، واقل الحجيج، ما حججت إلا أنا، وناقتي، وعلي ابن يقطين) واللبيب بالاشارة يفهم .