على الرغم من اننا نعيش نهايات القرن الحادي والعشرين وعلى الرغم من اننا نعيش في تطور تقني هائل الا ان هناك تراجع عكسي غريب جدا في المنظومة الفكرية التي يتبعها البعض والأيديولوجية التي يتبناها وينطلق منها لإيصال صوته للآخرين وحتى من المنتمين الى جهات دينية انبثقت من فكر اسلامي اصيل ولعل السبب الذي يكمن وراء ذلك هو الارث الفكري الذي ورثته تلك العقول لا يمكن في ليلة وضحاها ان يتبدل ولعل هذا الكلام يذكرنا بما كان يذهب اليه الدكتور علي الوردي حيث يقول في كتابه مهزلة العقل البشري “كلّما ازداد الإنسان غباوة .. ازداد يقيناً بأنه أفضل من غيره في كل شيء .” والظاهر ان هذه الغباوة التي يصفها الوردي لم تأتي من فراغ بل انها جاءت نتيجة تربية فكرية كانت تتبنى تجهيل العقل ومحاولة افينة المجتمع بأفكار ومتبنيات قد لا تمت للواقع بصلة ولكنها فرضت على المجتمع واصبح لها متبنيين ومروجين وكانت هذه النتائج التي نلمسها الان فمثلا انك ترى شخصا يتكلم في كل شيء وفي نفس الوقت لا تعرف منه أي شيء وما الذي يريده فهو يعتقد بفكرة لو سألته من اين جاءته لا يعرف ذلك ابدا وهذه الفكرة تصبح هي المحرك له فهو يسمع ولكنه في الحقيقة لا يسمع ويرى وفي نفس الوقت لا يرى وكما يقول الشاعر النجفي الشبيبي فاستحالت وانا من بعضهم…. اذن عينا وعيني اذنا . او كما وصفهم القران الكريم بقوله ” لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون” ومن هنا فانا ادعو كل المثقفين الى البحث عن الية للخروج من هذا المأزق الكبير حيث ان استمرار هذا النهج الغوغائي والتغول الفكري وبدون رادع قد يؤدي بالمجتمع الى مرحلة يكون من الصعب جدا ان تبحث عن شخص تسلم عليه فيرد عليك السلام .