15 نوفمبر، 2024 6:40 م
Search
Close this search box.

لا تدفعوا دولاراً واحداً للإقليم .!

لا تدفعوا دولاراً واحداً للإقليم .!

كان العنوان المرشّح لهذا المقال هو : < البُعدان البراغماتي والفلسفي في التعامل مع الأقليم > , لكنّ عدد الكلمات التي يحويها العنوان لا يتناسب مع الشروط والمواصفات الأكاديمية لعِلم الإعلام , فأرتؤيَ هذا التغيير .
  لا بدَّ من الإشارةِ او إعادةِ الإشارة وفقَ الواقع الحالي المحسوس والملموس , أنّ العراقيين يرون ويجدون بَوناً وفرقاً هائلين وشاسعين بين السيد مسعود البرزاني وبين الشعب الكردي  , وإنَّ هذه النظرة الفكرية العراقية هي بغضّ النظر ايضا عن وجود احزاب سياسية كردية اخرى , وبمعنىً آخراً فأنَّ مجمل او غالبية الشعب العراقي لا تعتبر البرزاني كرمزٍ او ممثّل عن عموم الشعب الكردي مهما كانت طبيعة الأنتخابات التي تجري في شمال الوطن , ومهما كانت التأثيرات والعوامل التي تلعب دورها في هكذا انتخابات ..
  الرئيس مسعود , وقبل زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة بأيامٍ  قلائل , كانَ وعبر تصريحاته المندفعة والساخنة والملفتة للنظر في حدّتها , كان قد بدا وكأنّه سيعلن انفصال واستقلال دولة كردية جديدة , فور او بعد وصوله الى واشنطن < وكأنَّ هذه الدولة كانت محتلّة من قِبل دولة اخرى اسمها العراق ! ومن قبل ان تنشب الحرب العالمية الأولى .! وكأنها ايضاً كانت مستقلة قبل ذلك الأحتلال العراقي الطويل .!!
وفي هذا الصدد , وبالأضافة الى النزعة السيكولوجية < الأنفصالية + العرقية > المتأصّلة في ذهن السيد البرزاني ” وغيره من القيادات الكردية ايضا ” والتي عبّر عنها واعلنها تكراراً ومراراً بصيغ الأنشقاق والأستقلال والأنفصال وما الى ذلك , لكنّ سيادته ربّما اكتشفَ او ظنَّ ” وفق الظرف الأقليمي والدولي القائم منذ سنواتٍ قلائل + المداخلات والمتغيرات التي يفرزها هذا الظرف ” , بأنّ التوجّه الأمريكي – الأوربي في تفتيت وشرذمة ما يمكن شرذمته من الدول العربية وإبقاء النار تشتعل فيها الى أجلٍ غير مسمى , بأنه هو المخطط المرسوم لتقسيم العراق لتكون دولة كردستان أحد أهمّ اقسامه .. ثمَّ , ودونما استرسالٍ بما فوجئ به رئيس الأقليم والوفد المرافق له من رفضٍ امريكيّ لإعلان ما يسمى بدولة كردية جديدة < في المدى المنظور على الأقل ! > والتأكيد الأمريكي على وحدة العراق , ومع ما حفلت به وسائل التواصل الأجتماعي من تندّرٍنقدي وغير نقدي بحقّ الرئيس مسعود < وهو ما اجده غير لائقٍ وغير مناسبٍ > .
 وإذ إستمعنا جميعاً الى ردود فعل رئيس الأقليم تجاه الموقف الأمريكي والتي كانت أقلّها بأن الدولة الكردية قادمة لا محالة وأنّ وحدة العراق اختيارية وليست اجبارية ” وفق تصريحاته ” , ففي هذا الصدد , وفي أبعادهِ السياسية والوطنية والأقتصادية ايضا , فينبغي ولا بدَّ ويجب القول : –
< لماذا على الحكومة العراقية أن تدفع نسبة % 17  من ميزانية العراق وهي النسبة المستقطعة من قوت الشعب العراقي المحروم كي تدفعها الى حكومة الأقليم التي في طريقها الى الأنفصال والأستقلال .!؟ لماذا هذه العبثية في هدر وتبذير اموال الشعب العراقي بأتجاه المجهول .! وهل ولماذا يتوجّب على الحكومة العراقية أن تدفع رواتب لقوات البيش مركة لتغدو غداً او بعد غدٍ قوّات تابعة لدولة أخرى ” ولا نريد تسميتها بقوات اجنبية ” .!
 إنَّ المنطق , بل عُصارة المنطق ” كحدٍّ ادنى ” يتطلّب ويوجب بل ويُحتّم عدم دفع أيَّ مبلغٍ مما كان ضئيلاً الى حكومة الأقليم ما لمْ يؤكّد ويتعهّد الرئيس مسعود البرزاني بأن لا نيّة ولا فكرة بالأنشقاق او الأنفصال عن جمهورية العراق الموحّد , وبشرط أن تكون تعهّداته مكتوبة وموثّقة عن طريق الأمم المتحدة .. ونعلم مسبقاً أنّ رئيس الأقليم ” الذي تنتهي ولايته في شهر آب المقبل ” ليس بوسعه فعل ذلك لا سيكولوجيا ولا سياسياً ولا غيره ايضاً , كما نعلم مسبقاً ايضاً أنَّ هذا الطرح العراقي الوطني سوف يُدخل السيد البرزاني في دوّامةٍ لا يستطيع الخروج منها < وقد تسبب له الأرق المزمن على أقلّ تقدير > .
كما , فأنّ هذا الطرح الوطني والموضوعي يجبُ وجوباً أنْ لا يقتصر على السيد مسعود فقط , بل يجب أن يحظى بأخذ التعهدات الموثّقة من رئيس وزراء الأقليم السيد ” نيجيرفان البرزاني ” ومن ” قوباد جلال الطالباني ” المرشّح لنائب رئيس الأقليم , ثُمَّ من كافة الأحزاب السياسية الكردية الأخرى التي تقود المعترك بالضد من زعامة ” الحزب اليمقراطي الكردستناني ” التي تتزعّمها عائلة الرئيس مسعود , وفي هذا الشأن المالي فحكومة الأقليم تمتلك ما يكفيها ويزيد من عائدات النفط التي تصدّره الى اسرائيل وغير اسرائيل , كما وطوال السنوات التي سبقت ظهور داعش فأنّ رئيس الأقليم عقدَ واستورد عدة صفقات من الأسلحة من دولٍ عدة , بعضها معروفة والأخرى مجهولة المصدر , والجميع في العراق وغير العراق يتساءلون :- < لماذا هذا السلاح .؟ وقد سبق لقوات تركية وايرانية أن دخلت اراضي الأقليم في اوقات وظروف متباينة , لكنّ قوّات البيش مركة لم تطلق عليها رصاصة واحدة .! فلمن موجّه هذا السلاح المتكدّس .؟ , ولماذا دفع 17 % من ميزانية العراق الى الذين لا يريدون العراق . واذا كان هنالك من مسوّغٍ لدفع هذه الأموال , بحجّة أنها رواتب للبيش مركة التي ستشارك في تحرير الموصل , فلا حاجة ستراتيجية ولا تعبويّة لهذه القوات , فضررها اكثر من نفعها .! وقد تؤدّي مشاركتها الى مضاعفاتٍ ومعضلاتٍ خطيرة فور انتهاء المعركة .
 ومع كلّ هذا وذاك , فأنَّ سيادة الرئيس مسعود محظوظٌ بالفعل .! فليست هنالك حكومة عراقية بوسعها كبح جماح نزعة الأنشقاق والأنفصال و التعامل مع قيادة الإقليم وِفقَ هذا المنطق العادل < في رأيي على الأقل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات