كتب (الملك سلمان بن عبد العزيز) بخصوص إنتمائه لقبيلة (عنزة) قائلاً: ((ولو سئلت شخصياً لأجبت بأنني من (بني حنيفة من بكر بن وائل) نسباً ، ومن (عنزة) حلفا ً.. بسبب التداخل بين القبيلتين )) (*)
والحالة هذه ؛ فالأصوات تتعالى من أطراف سياسية وقبليّة أنبارية بأنَّ غالبية سكان ناحية النخيب الفاصلة بين محافظتي كربلاء المقدسة والأنبار من قبائل (عنزة) العربية الأصل .
وحيث تؤكد الأحداث اليمنية الراهنة إنَّ حكومة المملكة العربية السعودية قادرة على التدخل السريع لمساندة كلّ من يطلب منها الدعم بضمان الولاء !!!
اليشاميغ البيضاء والحمراء والأعماق والجذور والانتماءات القبلية والمذهبية كلها محددات تؤشرإمكان تحقق النتائج المحتملة ، إذا ما دعت الحاجة إلى عاصفة حزم أخرى .. ليست على أرض اليمن السعيد بل على أرض وادي الرافدين .
المشكلة التي خلقها (صدّام) بإلحاق بعض النواحي والأقضية العراقية بمحافظات غير محافظاتها الأم تمثل لعنة الفراعنة في عراق ما بعد (برايمر).. فهو مشروع صدّامي مستقبلي وضعه صدّام حسين لما بعد سقوطه ، لكي تتحقق مقولته الشهيرة : ( إنَّ من يأخذ الحكم مني يستلم أرض بلا إنسان ). ويبدو أنَّ ما تحقق من نتائج على الأرض العراقية تؤشر ملامح انتصار الحكومة العراقية على داعش ، هي ملامحٌ لا يحق لها أن تتراءى على أفق الغد الآتي ، لهذا تسعى جهات محلية وإقليمية ودولية إلى إيقاظ الفتن النائمة التي هدهدها صدّام حسين في أحضان جمهورية الخوف الطويلة .
موضوعة (النخيب الكربلائي) أو (النخيب الأنباري) فتنة نائمة من فتن ثورة تموز68، وهي مكسب من مكاسب البعث العملاق .. باقية ما بقي البعث في عقول المموهين بالأمة العربية الواحدة ورسالتها الخالدة ، في عصر تعصف فيه زوابع الخريف العربي الهوجاء ، ويتقاتل فيه العرب بسلاح العرب نيابة عن إسرائيل التي تستقطب يهود جمهوريات الإتحاد السوفيتي المنحل ، وهي تشيّد وتدشّن قبابها الفولاذية المحكمة الأمن والأمان على تل أبيب .
المدن الشيعية هدف تاريخي للحركة الوهابية الحاكمة في المملكة العربية السعودية ، بل ؛ إنَّ المقدسات الشيعية كافة هدف تاريخي لهذه الحركة منذ تأسيسها ـ دون مجال الخوض بأسباب تأسيسها ـ . فقد تعرضت المقدسات الشيعية في البقيع بالمدينة المنورة ومكة وغيرها إلى التدمير الشامل لشواخصها وقدسياتها حتى سويّت مع الأرض حصاة ً جرداء ، كما حاولت الوهابية أن تدنس هذه المقدسات في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة بمحاولات تاريخية عديدة ولاتزال ، فبمجرد أن رفع السيد مقتدى الصدر .. الزعيم الشيعي العراقي للتيار الصدري مطالبته حكومة المملكة العربية السعودية عام 2006 بإعادة تشييد مراقد أئمة البقيع (ع) جاءه الرد الحازم والحاسم بتفجير مرقدي الإمامين العسكريين (ع) بسامراء في نفس العام .
الأزمة (الوهابية ـ الشيعية) لن تنتهي إذن !
وما (أسامة بن لادن) ورجال قاعدته حركة وهابية .. فرّختها المملكة العربية السعودية ، وما الفكر والعقل الداعشي إلا عقل وفكر وهابي محض . وما يحصل في سوريا والعراق لا يختلف عما حصل في السالف من السنين بشهادات التاريخ الحديث .
المحافظات الشيعية مهددة من قبل الوهابية .. ما تعددت مسميات حراكاتها السياسية الأيدلوجية . ومن هنا ؛ لابد لهذه المحافظات أن تخضع لأحد الخيارين الآتيين :
1. الإنفصال الديموغرافي التام .
2. التحصين التام
وحيث لم يأتِ الخيار الأول جديداً ، على ضوء ما تعالت وتتعالى من أصوات داعية إلى فدرالية الأقاليم أو ما أشبه ، وما له من تأثيرات سلبية على الوحدة الوطنية وشخصية العراق العالمية وغيرها ، إلا أنَّ الخيار الثاني خيارٌ جدير، يجب أن يتحقق على الأرض !
كان (صدّام حسين) يدّعي بأنه حتى لو أعترف بأنه هو من بدأ الحرب على إيران الإسلامية ، فلأنه كان يريد أن ينقل الحرب من الأراضي العراقية إلى الأراضي الإيرانية حفاظاً على أراضيه. والحالة هذه ؛ فلماذا لا يحق للكربلائيين .. للشيعة العراقيين أن ينقلوا معاركهم مع داعش المهددة لهم ولمدنهم ، من أراضي مدنهم إلى أراضي مدن ٍ تمتلئ بداعش وتضج وتعج ، للدرجة التي هاجرها أهلها إلى هذه المدن الشيعية ، دون أن تكون لديهم القدرة على الدفاع ومسك أراضي محافظاتهم .
لماذا لا يحق لشيعة بغداد أن يحفظوا الكاظمية المقدسة من خطر داعش وهم ينقلون معاركهم مع داعش إلى سامراء وصلاح الدين .. لماذا لا يحق لشيعة بغداد أن يحصنوا مدنهم بالسواتر والخنادق ضد تقدم داعش .. لماذا لايحق لشيعة كربلاء أن يحصّنوا مدينتهم من خطط التمدد الداعشي القادم نحوهم من جهة الأنبار وهو لامحالة .. لماذا لا يحق لشيعة النجف أن يحصّنوا خنادقهم بوجه التمدد الداعشي من جهة الغرب السعودي .. لماذا لا يحق لشيعة البصرة أن يحصنوا مدنهم من الخطر الداعشي القادم لا ريب !!!
هل هو الغباء أم هو الذكاء ؛ عندما لا يتحوط ولا يحذر الإنسان من قدوه المهدد ؟!!!
هل نبقى محاصرين كما حوصرت مدن الأساطير، منتظرين أن يخترقنا حصان طروادة ، أو يغزونا الغزاة الظالمين .. يستحيون نساءنا ويذبِّحون أبناءنا ويقتلون شيوخنا ويحتلون ديارنا ؟!!!
لمّا كان أهل الأنبار غير قادرين على حماية مدنهم ، فكيف سيقدرون على حماية مدن الغير ؟!
لمّا كان أهل نينوى غير قادرين على مسك أرضهم ، فكيف سيستطيعون مسك أرض غيرهم ؟!
من هنا ؛ ـ ولست هنا من دعاة تقسيم العراق ولن أكون ـ يكون لزاماً على النجفيين .. لزاماً على الكربلائيين .. لزاماً على البغداديين .. لزاماً على البصريين .. لزاماً على أهل المثنى .. أهل الديوانية .. أهل واسط .. أهل ذي قار .. أهل بابل .. لزاماً عليهم جميعاً أن يتخندقوا بوجه العدوان في كل مكان !
من حق كل طائفة عراقية ودين عراقي وقومية عراقية أن يحموا أنفسهم ووجودهم وتاريخهم ومقدساتهم من خطر داعش وغير داعش ، وليس من حق أيّ أحد أن يمنع أهل الأنبار وسنتهم من أن يتخندقوا بوجه داعش في طربيل وفي القائم وغيرها من مدن توقع الإختراق الداعشي وغيره ، وليس من حق أيّ أحد أن يمنع الأكراد من أن يتخندقوا بوجه داعش في السليمانية وفي أربيل وغيرها، وليس من حق أحد أن يمنع التركمان أن يتخندقوا في كركوك ضد داعش . فلو كان أهل نينوى قد تخندقوا بوجه داعش وأمسكوا بأرضهم لما أخترقوا وربِّ الكعبة !
ليعش (لواء قاصم الجبارين) وهو يتخندق في النخيب أوفي صفوان أوفي حفر الباطن أوفي سامراء أوفي صحراء المثنى أوفي صحراء النجف ، وعلى مشارف كل المدن المهددة في العراق ، وهو يتصدى للتمدد الداعشي في العراق العزيز من أجل حماية حرائر وأطفال ومقداسات العراقيين .. بالنيابة عن الشيعة أنفسهم أو بالنيابة عن العراقيين كافة . والله من وراء القصد ؛؛؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)المصدر:جريدة الرياض، الجمعة 19 ربيع الآخر 1429هـ – 25أبريل 2008م – العدد 14550