“لا اعرف هل أقدم التهاني او التعازي على هذا التكليف”, تلك هي العبارة الاولى التي وجهها باقر الزبيدي لحيدر العبادي بعد ان تم توقيع أوراق تكليفه الرسمية لتشكيل الحكومة بصفته رئيساً للوزراء, وذلك كان لسان حال كل المهنئين, تهاني معلنة وتعازي مبطنة, يسبقها استغراب شديد من قبول منصب في بقايا بلد, أصدقاء متفائلون بنسبة نجاح لا تتجاوز ال 50% وأعداء على يقين تام بفشل مبكر, وبلد يعيش حالة ترقب.
اختيار اعضاء الحكومة يحتاج الى استقلالية تامة, وذلك لم يكن ممكنا بطبيعة اذ سارعت أذرع المحاصصة الطائفية للألتفاف حول عنق العبادي وقد نجحت في ابقاء بعض وجوه الفشل من الحكومة السابقة فلم يحصل سوى تغيير مسميات المهام والوزارات التي اوكلت اليهم, ألا ان مراهنة العبادي كانت على وزراء جدد أنضموا الى التشكيلة الوزارية وعلى ما يبدوا انه بدأ يكسب الرهان.
أصرار العبادي على أن يكون الأمن والأقتصاد العراقي في مأمن لأنه يعرف تماما اين يضع ثقته وفعلا بدأت بوادر النجاح تلوح في الافق, فقد اصر على أن تكون الداخلية والدفاع لشخصيات بعيدة عن الضغوط السياسية, في حين عول كثيرا على الجانب الأقتصادي عندما أوكلت وزارة النفط الى المفكر عادل عبد المهدي.
بدأ التحدي والعبادي يراقب عن كثب الخطوات الاولى في مشوار الألف ميل عبد المهدي الغبان العبيدي ولحق بهم الزبيدي فهو لم يترك طريقا للنهوض بواقع وزارة النقل الا وقد حث الخطى مسرعا نحوه, بينما تعمل معاول الغبان على هدم أعشاش الفساد والإطاحة برؤوس الأصنام الكبيرة في وزارة الداخلية والعبيدي من جانبه يعمل على النهوض بواقع وزارة الدفاع ويبدو انه في بداية المشوار الا أن العبادي بدأ يقطف الثمار من شجرة عبد المهدي الذي تفوق على نفسه.
التحدي الكبير الذي كان يواجه وزارة النفط لمدة ثمان سنوات سابقة هو أعمال تخريبية تستهدف الأنابيب بينما لم تواجه الدولة أي نوع من العجز أو الافلاس او تواجه أزمة أنخفاض اسعار النفط ورغم ذلك كله كان الانتاج متدنيا ويستغرق أصلاح الانبوب بعد تعرضه لتخريب فترة طويلة, بينما بقيت ازمة النفط العالقة بين المركز والاقليم حجر عثرة في طريق تصدير نفط الشمال.
اليوم كل تلك المشاكل أنفة الذكر يواجهها عبد المهدي ورغم ذلك كله يسعى لفتح افق جديدة في ملف النفط بدءاً من شركة نفط الناصرية مروراً بمعالجة بانخفاض اسعار والتدهور الاقتصادي عن طريق زيادة التصدير, والسعي الحثيث لمواجهة الأزمة الكبرى التي تتمثل بالحرب المستعرة قرب المصافي وخطوط نقل النفط عن طريق الصيانة بشكل مستمر, بالإضافة الى فتح أبوب التعيينات أمام ذوي الاختصاص من
العاطلين, والانجاز الاهم الذي يحسب لوزارة النفط هو تخطي الارقام القياسية في التصدير منذ ثمانيات القرن الماضي.
تلك تفاحة اولى يقطفها العبادي من وزارة النفط انجاز من نوع اخر والتغلب على كم هائل من المشاكل والازمات في وقت قصير من عمر الحكومة, وزارة النفط تتصدر لائحة الانجاز بينما تتنافس من بعدها وزارة النقل الداخلية الدفاع, يا ترى هل سيملئ العبادي سلته عما قريب؟