14 نوفمبر، 2024 8:52 م
Search
Close this search box.

تمرين في الكتابة الروحية

تمرين في الكتابة الروحية

يفكر الكاتب بروح موضوعته من خلال صناعة جسد لفكرة صغيرة ثم يمدها باستطالة ليست محسوبة الحجم لتصبح في النهاية قصة أو قصيدة أو أي نتاج كتابي أخر .
تقول فرانسوا ساغان : أكتب لأحرر نفسي من خطر التلاشي في أمكنة هي لا تصلح حتى لتطوير شكل الخط الذي تعلمته في المدرسة .
مثل هكذا مشاعر اتجاه الكتابة ننقاد إلى توسيع ذاكرة الذهن لحظة الشروع بالأداء الكتابي لهاجس أو موضوعة ما فنرى دور المؤثر في بناء النص . وهو أمام يكون تأثيرا لمكان أو زمان أو عاطفة مصنوعة من شاخص ما في حياتك .

أفعال كثيرة ولكن في مستويات تقف عند حدود نسب ما ولكنها في الأخر هي نتاج للذاكرة الإنسانية حتى لو كان الأمر يتعلق بتحرير كتاب رسمي لدائرة الطابو .

يقول أينشتاين صاحب النظرية النسبية : أن تفاحة نيوتن قضت على الفراغ الذهني لذاكرة البشر وأوجدت طفرة وراثية صُنعت من خلالها الفيزياء العظيمة .

من هذه الفيزياء العظيمة جاء الصفر الذي يعني الرغبة في الذهاب إلى اللامتناهي حيث بأماكننا تخيل ما شئنا منذ لحظة الارتطام التفاحة جراء الجذب الحاصل بينهما وبين الأرض الذي تتسكع عليها أفكارنا وهي ترغب بصنع المكان الذي لا ينهزم تحت وطأة نظرية الإزاحة فالثبات هو ما ننشد كلما أردنا أن نشيد لذاكرتنا نصاً نوصل به أحلامنا بالأرض التي استراحت على وسادتها تفاحة نيوتن .

تحكمنا الكتابة برغبة لجعل الفكرة داخل مصنع التخيل أنها من نتاج الرغبة ليكون لنا عاكسا يبرر التصرف والحس والشعور الذي فينا وهي في مكانه الفيزيائي طاقة كامنة يؤدي انتشارها إلى صناعة وعي ومتغير جديد في حياتنا وعدا ذلك لو بقت هذه الطاقة مكبوتة لمتنا منذ اليوم الأول الذي أحسسنا فيه الرغبة لقول ما يغور في أعماقنا مثل حوت جريحة في مياه ضحلة .

نكتب لكي نعيش . نكتب لكي نحلم . نكتب لكي نخلد . واخيرا أنا أكتب أذن أنا موجود .

في السفر القديم ( العالم خلق بكلمة ).

هي واحة من رؤى الشكل والقيمة لرفع شأن ما نريده أن يكون لنا خصوصية .كان الكاتب في سومر يُعطى مكانة تليق في موهبته وكان يمشي إلى جوار الكهنة في المراسيم والطقوس والمواسم الاحتفالية .

وكان الملك الآشوري أشور بنيبال يوزن اللوح المكتوب بالذهب ولمدونه يعطي ضعف وزن ذلك اللوح حين يشعر الملك بقيمة هذا الكاتب ليضم مؤلفه إلى مكتبته العظيمة . انه اعتراف أزلي بقيمة الكتابة كأداة للتعبير عن الحياة بكل وقائعها السرية والعلنية والطبيعية والسحرية وحتى هواجس ميتافيزيقيا التوحيد كانت الكتب هي شاهدتها والكاتب كان العلي القدير الذي تأتي مدوناته بتلاوة على لسان رسله والملائكة والقديسين .

هذا القرين الأبدي بين الخلق والكلمة يجعل من الكتابة هاجساً للحضور الدائم في حياتنا وربما هي أقرب نقطة مؤثرة لذلك المطلق الذي ننشده ولكن أحدا لم يحصل عليه الآن . فمنذ غفوة جلجامش قرب زهرة الخلود وسرقة هذا الزهر من قبل الحية والأنسان يقيم من الكتابة مشاريع واختراعات وتصورات للوصول إلى ذلك الحس الهائم بين المجرات الذي وحده يستطيع أن يوفر لنا أزلا منتشيا يجعلنا نشعر بأبد السعادة فلا نشيخ ولا نمرض ولا نموت . غير أن البعض إزاء هكذا نظرة يبدو غير مبال بالقيمة الأبدية التي يمكن أن يوفرها وعينا الكتابي لصناعة خلود مفترض كما يقول وليم جيمس .

أنها، بالنسبة له، مسألة ثانوية ، وبأن المسائل الكبيرة للفلسفة هي الزمان، وحقيقة العالم الخارجي، والإدراك. فالخلود يحتل موقعاً ثانوياً، ذلك الموقع الذي هو أضعف صلة بالفلسفة مما هو مع الشعر، وبالطبع مع اللاهوت، وإن لم يكن كذلك مع كل لاهوت.

أحدث المقالات