أثار مشروع قانون تسليح الكرد والسنة في العراق سخطا واعتراضا كبيرا في الوسطين السياسي والديني العراقي, فقد اتفق القسم الأكبر منهم على رفض هذا المشروع واعتبروه مشروعا خطيرا ويهدد العراق ومخالفا للدستور !! متذرعين بحجة أن تسليح أهل السنة لمواجهة تنظيم الدولة ” داعش ” هو دعوة إلى تقسيم العراق إلى دويلات أو أقاليم.
ولا نعرف من أين جاءتهم هذه الفكرة ؟! وفي الوقت ذاته نجد إن هؤلاء المعترضين بدعوى التقسيم إنهم في فترات سابقة وحتى هذه اللحظة يدعون إلى تقسيم العراق لفيدراليات وأقاليم, كإقليم الوسط الجنوب وإقليم البصرة الذي يسعون إلى تمرير مشروعه الآن! فكيف يرفضون ذاك القرار ويقبلون بهذا ؟! ألا تَعتبر تلك ازدواجية وتناقض ؟؟!! لكن مشروع التسليح قد كشف عن الأسباب الحقيقة للرفض, و منها :
إن سبب رفض تلك الجهات لتسليح آهل السنة, هو الخوف من خلق وإيجاد قوة سنية ستكون بمثابة قوى موازية للقوى الموجودة الآن في العراق, بمعنى انه خلق قوة سنية تعادل كفة القوى الشيعية أو ما يسمى بالحشد, وهذا ما لايقبل به المليشياويين والموالين لإيران, لان هذا التسليح سوف يكون بمثابة حجر عثرة بوجه مشروع التمدد الصفوي في العراق.
الآمر الأخر إن تسليح أهل السنة سوف يلغي ذريعة التواجد الإيراني في العراق بحجة محاربة تنظيم الدولة ” داعش ” من جهة ومن جهة أخرى يقوض تواجد المليشيات في المناطق السنية التي يوجد فيها تنظيم الدولة, وهذا ما لا تقبل به إيران ومن يواليها, بالإضافة إلى أن تسليح أهل السنة سوف يلغي مفعول ” فتوى الجهاد ” وهذا مالا يعجب المؤسسة الدينية في النجف, فهي تريد أن تكون هي المسيطرة وصاحبة الفضل – حسب رأيها – وتريد أن تعزي الفضل في مواجهة داعش لنفسها فقط .
إن الرافضين لمشروع التسليح يسعون إلى إن تكون الحرب ضد تنظيم الدولة ” داعش ” طويلة الأمد ولا يرغبون في نهايتها بفترة وجيزة, ولهذا يرفضون تسليح أهل السنة لأنهم على يقين ومعرفة تامة بمقدرة أهل السنة على مواجهة ودحر داعش من محافظاتهم ومدنهم, في حال تم تسليحهم بالسلاح المناسب.
إن تسليح أهل السنة يضع حدا للمشروع الطائفي في العراق, وهذا ما لايقبل به مروجي الطائفية وتجار الدم, فالتسليح هو بمثابة الضربة القاضية لمشروع الطائفية, لكن على شرط أن يكون التسليح هو خاص بالوطنيين الشرفاء المخلصين للعراق وشعبه وليس من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء, وكما يقول المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في جوابه على الاستفتاء الذي رفع له والمعنون بـــ ” نعم نعم للتسليح .. لوحدة العراق ” … إذ يقول المرجع الصرخي ….
{… سادساً : يجب أن لا نكرر الأخطاء فنكون سببا في زيادة الظلم وإراقة المزيد من الدماء بتسليح وتسليط نفس الفاسدين المفسدين الذين ولاؤهم لبطونهم وجيوبهم ولغير شعبهم ووطنهم، فلنجعل التسليح خاصا بالوطنيين الشرفاء الأمناء كي يكون التسليح سببا لتخليص العراقيين من كل ظلم واضطهاد ومؤديا لِلمّ شملهم وتوحيد وطنهم … ومن هنا نقول:
نعم نعم لتسليح الوطنيين الشرفاء للدفاع عن النفس والعرض والمال
نعم نعم لتسليح الوطنيين الأمناء لدفع الظلم عن شعب العراق
نعم نعم لتسليح الوطنيين الأصلاء ليكونوا نواة لإنقاذ العراق
نعم نعم لتسليح الوطنيين النجباء ليكونوا نواة لوحدة العراق
نعم نعم لتسليح الوطنيين النجباء ليكونوا نواة لوحدة العراق
نعم نعم للتسليح .. لوحدة العراق ….. نعم نعم للتسليح .. لوحدة العراق …}.
وهنا نلاحظ إن كل من يعارض مشروع تسليح أهل السنة في العراق هو داعما لمشروع الطائفية في العراق ويريد إن يعزز الهوة والشرخ بين أبناء المكونات العراقية فلو كانوا بالفعل – واقصد المعترضين على مشروع التسليح – مهتمين بوحدة العراق لما وضعوا شروطا على النازحين ” الكفالة ” ولما سكتوا وغضوا الطرف عن النازحين الذين قتلوا في بغداد والحلة, فهذه الحالات الشاذة والمنفرة واللاانسانية يمضونها بسكوتهم, أما المشاريع التي فيها خدمة الشعب والبلد والتي قد تنتشله من هذه المحنة والمأزق فإنهم يعارضونها وبشدة .