لم يشهد تاريخ العراق قديمه وحديثه ان وصل التراشق بين القيادت العسكرية داخل البلد او خارجه الى هذا الحد من التسقيط الذي يصل مرحلة ( كسر العظم ) بينها ، وليس هناك من منتصر بين كل هذه الحملات الصاخبة كما يظن البعض، بل هي خسارات باهضة أكثر من كونها انتصارات وهمية للبعض!!
الذي يتابع هذه الايام مجريات حملات التراشق هذه بين قيادات عسكرية في الداخل وأخرى في الخارج يدرك للأسف الشديد ان فوضى السياسيين وتخبطهم وصلت الى المؤسسة العسكرية والى العساكر كشخوص قيادية تحديدا ، ما يعد تجاوزا على كل الصيغ العسكرية ومستلزمات اسرار تلك الشخصيات التي ينبغي ان تحافظ على البقية الباقية من هيبتها ، دون ان تدرك ان تراشقا من هذا النوع وعلى الملأ ، وبأشد العبارات المستهجنة والغريبة يشكل إساءة الى البلد قبل ان تكون إساءة الى تلك الشخصيات نفسها !!
كان جل اهتمام القيادات العراقية العسكرية طيلة عقود مضت انها كانت تحكي قصص بطولاتها في معارك الشرف دفاعا عن العراق، ويتباهى هذا القائد العسكري او ذاك بانه حفظ بلده وشعبه وقطعته العسكرية من الامتهان، لا ان يتناقل بعض اخفاقات تلك المؤسسة العريقة في وسائل الاعلام، ولغة السباب والشتائم تستخدم اسلحة من النوع الثقيل!!
لقد شهد العراقيون منذ فترة ليست بالقصيرة حملات تسقيط بين قيادات عسكرية هدفها ان ينال كل واحد من الآخر لانه تبوأ هذا المنصب او ذاك ، وبدلا من ان يرفع من شأنه وشأن هذه المؤسسة واذا به يوجه الاتهامات ضد كل من اختلف معه ووجد فيه ضالته للانتقام، حتى لاتفه الأسباب!!
وبدلا من ان تسهم تلك القيادات في تحسين صورتها امام الشعب وتعترف ببعض الانتكاسات التي حدثت في المعارك مع داعش وحتى قبل تلك المرحلة من الفوضى والاضطراب في المؤسسة العسكرية في معارك سبقتها، نقول بدلا عن ذلك كله راحت تلك القيادات توجه الاتهامات ضد بعضها البعض وكأنها في حلبة صراع هدفها تسقيط من تراه عقبة في طريقها علها يكون لها مكان في السلطة المرتقبة، دون ان تكون معينا لها للتغلب على الازمات والحفاظ على مصلحة البلد الذي يتعرض للاستباحة كل يوم!!
ولو حفظت هذه القيادات العسكرية بعض هيبتها لما اضطرت للانغماس في لعبة التراشق هذه في المنابر الاعلامية، ولكانت جلست سوية وبحثت عن خيارات وبدائل للتعويض عن الانهيارات العسكرية التي حدثت بعد ازمات نينوى والانبار وسيطرة داعش عليهما، من اجل تخليص العراق من شرور داعش، وبعدها يمكن عند عودة البلد الى عافيته ان تؤشر القيادات العسكرية حالات الاخفاقات التي واجهتها ومعالجة الموقف وتحميل القيادات المقصرة المسؤولية على حسب حجم الخسارة التي تسبب بها او نجمت عن عدم ادراكها لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها!!
كانت حملات التراشق بين القيادات العسكرية العراقية سواء ان كانت داخل العراق او خارجه وبهذه الطريقة التي لم يجرؤ حتى بسطاء من رواد المقاهي الشعبية ان ينزلوا الى مستوياتها، تؤشر ان الكارثة المحدقة بالبلد كبيرة، وان هذه الشخصيات وصلت الى مرحلة من ( كسر العظم ) اسقطت بها نفسها امام الجمهور، قبل ان تكون او تعتقد خطأ انها رفعت من شأنها أمام الرأي العام العراقي الذي اغاضته تلك الحملات، حتى تساوى العساكر مع السياسيين في الانحدار الى تلك المرحلة التي تشكل انتصارا لداعش ولكل عدو متربص بالعراق قبل ان تكون انتصارا لاحد من تلك القيادات العسكرية، التي نشر كل واحد منهم غسيله وشر صاحبه على الحبل كما يقال!!