أعلنت وزارة النفط عن ارتفاع معدل الكميات المصدرة من النفط الخام المتحققة لشهر نيسان الماضي إلى معدلات غير مسبوقة ، حسب الإحصائية الأولية الصادرة من شركة تسويق النفط العراقية (سومو) حيث بلغ المعدل اليومي لشهر نيسان الماضي ما يقارب (3.077) ثلاثة ملايين وسبعة وسبعين ألف برميل وهذا المعدل لم يتحقق منذ الثمانينات , وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط إن مجموع الكميات المصدرة والإيرادات المتحققة سجلت ارتفاعا مقارنة بشهر آذار الماضي حيث بلغ مجموع الصادرات ( 8و92) اثنان وتسعون مليون وثمانمائة ألف برميل ، ومجموع الإيرادات بلغت (4,8) أربعة مليارات و ثمائمائة مليون دولار , وأوضح إن كمية الصادرات من الموانئ الجنوبية في البصرة بلغت أكثر من (78,8 ) ثمانية وسبعون مليون وثمانمائة ألف برميل فيما بلغت كميات النفط المصدرة من ميناء جيهان التركي أكثر من (13,5) ثلاثة عشر مليون وخمسمائة ألف برميل , وأشار إلى إن معدل سعر البيع بلغ (51.7) دولار للبرميل الواحد , وبين أن الكميات أعلاه تم تحميلها من قبل الشركات النفطية العالمية التي تحمل جنسيات مختلفة من موانئ البصرة وخور العمية والعوامات الاتحادية على الخليج العربي وميناء جيهان التركي , وأشار إلى إن الوزارة بذلت جهودا استثنائية في زيادة صادراتها من النفط الخام .
ولو تمت مناقشة هذا التصريح الصادر من الوزارة المتخصصة بتصدير النفط , لوجدنا فيه مجموعة من المغالطات , أبرزها إن الصادرات لم تزداد في شهر نيسان مقارنة بشهر آذار الماضي إلا بمقدار,399 ألف برميل حيث كانت 92,401 مليون في شهر آذار وقد بلغت 92,8 مليون برميل في شهر نيسان , كما إن معدل الصادرات اليومية قد ازداد بمقدار 097, مليون برميل يوميا فقط , وعند تحليل واقع هذه الزيادة نجد نتائج مهمة , أبرزها إن صادرات الجنوب كانت 84,078 مليون برميل خلال شهر آذار وانخفضت إلى 78,8 مليون برميل يوميا خلال شهر نيسان ( أي بانخفاض مقدار 5,278) مليون برميل , أما صادرات النفط المصدرة من ميناء جيهان التركي فقد كانت 8,322 مليون برميل خلال آذار وارتفعت إلى 13,5 مليون برميل خلال شهر نيسان ( أي بزيادة مقدارها 5,178 ) , بمعنى إن نقص صادرات نفط الجنوب قد عوضته زيادة صادرات نفط الشمال وكركوك , ولهذا لم تحصل زيادة ملحوظة في مجمل الإيرادات النفطية خلال شهر نيسان , حيث بلغت 4,8 مليار دولار بعد أن كانت الإيرادات 4,457 مليار دولار خلال شهر آذار أي بفارق 343 مليون دولار , رغم ارتفاع متوسط سعر برميل النفط من 48,244 دولار للبرميل في آذار إلى 51,7 دولار للبرميل في شهر نيسان , بمعنى لولا الزيادة في سعر البرميل المباع لانخفضت الإيرادات وليس العكس .
وهذه الأرقام لا تتناسب مع مقررات لجنة الأزمة المالية التي يترأسها السيد رئيس مجلس الوزراء وتضم في عضويتها وزيري النفط والمالية , والتي عقدت اجتماعها في بداية شهر نيسان الماضي والتي دعت الجهات المعنية للعمل الجاد للوصول إلى الأرقام المخططة لتصدير النفط بموجب قانون الموازنة , فقد تعهدت وزارة النفط بتصدير 3,3 مليون برميل من الجنوب والشمال بمتوسط سعر مقداره 56 دولار للبرميل وتم تثبيت ذلك في الفقرة ( ب) من المادة الأولى من قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2015 , ومنذ بداية العام الحالي ولحد اليوم لم يتم بلوغ رقم الصادرات , وقد كانت الحجة في السابق هي صادرات إقليم كردستان وقد بلغت صادرات الإقليم حاليا 450 ألف برميل يوميا , ومن المؤمل زيادتها إلى أكثر من 500 ألف برميل يوميا بعد إجراء التوسعة في الأنبوب الناقل للنفط إلى جيهان , وخلال شهر نيسان انخفضت الصادرات من الجنوب لأسباب تتعلق بالظروف الجوية حسب ما تقوله المصادر المعنية , وفي الوقت نفسه فان أسعار المبيعات لم تصل إلى الأرقام المخططة في الموازنة والبالغة 56 دولار للبرميل , رغم إن الأسعار في الأسواق العالمية قد تجاوزت 65 دولار للبرميل في بعض الأيام , فأحسن متوسط لمبيعات النفط العراقي المحسوب على ( برنت ) قد بلغ 52 دولار للبرميل , مما يعني إن النفط العراقي يباع بأقل من 10 دولارات لكل برميل عن الأسعار السائدة عالميا , ويقول البعض إن السبب يعود إلى فرق الكثافة ووجود الماء وتحفيز المشترين وعمولات تأخير التحميل , وهي أمور لم يتم الدخول في تفاصيلها وقد تحتاج إلى الشفافية في عرضها للجمهور .
ونشير بهذا الخصوص , إلى إن الصادرات العراقية من النفط لم تصل إلى 70% من الإيرادات المخططة في ضوء الإيرادات الفعلية للثلث الغول من العام الحالي , أي للأشهر ( كانون الثاني , شباط , آذار , نيسان ) استنادا إلى ما هو مخطط في موازنة 2015 , ويعني ذلك من الناحية العملية , زيادة العسرة المالية للحكومة وعدم قدرتها على الإيفاء بالالتزامات الضرورية الواردة في الجانب التشغيلي والاستثماري في الموازنة , وزيادة العجز في الموازنة واضطرار الجهات المالية للاقتراض الخارجي , بعد أن وصل الاقتراض الداخلي إلى حدوده العليا تقريبا , وان زيادة الضغط على المخطط المالي في الاقتراض الخارجي قد تدخل البلد في التزامات وتعهدات يصعب التخلص منها في الأمد القريب , آخذين بنظر الاعتبار إن هناك توجهات متواضعة جدا في الاعتماد على مصادر التمويل غير النفطية في تمويل الموازنة الاتحادية , مع وجود احتمالات شبه مؤكدة بان أسعار النفط عالميا سوف لا تتعافى في القادم من الأيام , ونقترح على مجلس النواب باعتباره صاحب السلطة الرقابية , أن يكثف من جهوده الرامية إلى قيام وزارة النفط وإقليم كردستان بتطبيق التزاماتهم بخصوص صادرات النفط المخططة بموجب قانون الموازنة الاتحادية لأنه ( القانون ) نافذ حاليا وملزم للجميع , كما نتمنى أن يخرج من لديه معلومات كافية لكي يقنع الشعب لماذا يباع نفط العراق بأقل بمقدار 10 دولارات عن الأسعار العالمية , وهل هناك وسائل لتقليل هذا الفرق ألسعري أو إلغائه نهائيا ؟