23 ديسمبر، 2024 3:04 م

نقلا عن اية اللة” الفسيولوجي بافلوف الروسي”  انه كان يطعم الكلب الذي كان يقوم بحراسة معمله  يوميا في وقت محدد ، وقد حدث ان الجرس كان يدق قبل بضع دقائق من تقديم الطعام الى الكلب ، وبعد ان استمر ذلك ألامر فترة من الوقت ، وجد بافلوف ان فم الكلب بدأ يسيل منه اللعاب بمجرد ان يدق الجرس بينما لم يكن الطعام قد ظهر بعد.
ما حدث هو ان رد الفعل اللعابي – وهو رد الفعل الطبيعي لرائحة الطعام او مشهده – ارتبط بالمثير الصناعي ، وهو دق الجرس ، وهذا ما يسمى بالاقتران الشرطي في علم النفس .
الشائعات مثير من صناعة بعض سياسينا  يسيل عليها لعاب الدواعش ، لانها تختصر عليهم الوقت والجهد والكلفة والتخطيط ، وتحقق لهم خسائر كبيرة في صفوفنا ، فعلا انها مفارقة ، والاقمش من ذلك  اننا كمجتمع ماضون بهذه المفارقة من حيث لا نعلم ، نسوق لهم  ، نروج لهم ، نتخادم معهم ، بالسياسية هناك من يتخاذل وبالشارع هناك من يتخادم ، وما بين التخاذل والتخادم تتحقق مصالح داعش .
اخر الشائعات ، شائعة تهديد داعش  لبغداد- الشائعة القديمة الجديدة- ، هي نوع من الشائعات الغائصة ، تروج في أول الامر ثم تغوص تحت السطح لتظهر مرة اخرى  عندما يدق الجرس من قبل طابور خامس موجود في العملية السياسية فيسيل عليها لعاب كلاب داعش ، ولكن هذه الشائعة قد فقدت تأثيرها وانتهت صلاحيتها لسبب بسيط جدا ، لان كلب داعش بفعل التكرار أصبح مسعورا لا يستجيب للمثير الصناعي ومر بمرحلة الانطفاء ، لا بل انه انقلب على هذا المثير والتهمه بالكامل، هذا من ناحية .
من ناحية اخرى ان  المجتمعات عندما تخبر حالة الفوضى تخشى العودة الى خطر الموت العنيف ،  ونحن ببغداد خبرنا الفوضى جيدا في عام ٢٠٠٦ ، ورأينا الموت بأم اعيننا، فلا يمكن لنا بعد ذلك ان نلتفت الى الوراء لنعيد تكرار ذات التجربة المؤلمة التي كنا قد عشناها بمرارة وحزن قل نظيره في عالم الاحزان والألم ، فلا يمكن قطعا ان نستسلم لتلك الشائعات، ولكن هذا الامر يحتاج منا مناعة قوية في صدها ودحضها، وبالمقابل علينا ان نطور مهاراتنا في كيفية فهم بعضنا وقبول المختلف، ونحاور المخالف وان نتجاوز اخطاءنا … وان يكون لدينا ولاء حقيقي وصادق للوطن والقيم والقانون، لان التجربة قد علمتنا مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع اذا غاب النظام، لاننا بغير القانون لن نحقق النظام، ولن تكون الحرية التي اعطينا الغالي والنفيس في سبيل الوصول اليها.