“جيل الخلافة” .. سلاح داعش طويل الامد

“جيل الخلافة” .. سلاح داعش طويل الامد

تبتكر “الدولة الإسلامية” وسائل جديدة لجذب مزيد من المقاتلين إلى صفوفها وآخرها القوافل الدعوية، التي تستهدف فئة الشباب والمراهقين الذين تجّند بعضهم كانتحاريين.
“عمره 15 عاما، أراد الجهاد فمنعته أمه، وذات ليلة تسلل من البيت لينضم إلى جيش الخلافة، وهو اليوم في الخطوط الأمامية يقاتل الكفار”، هذه تغريدة نشرها حساب يروّج للدولة الاسلامية بالتزامن وانتشار صور “القوافل الدعوية” التي هي حافلات تجوب المتنزهات والأماكن العامة بالموصل لحث المراهقين على الجهاد.
في الأيام الأولى لسيطرة “داعش” على المدينة أُرسل مجموعة من المراهقين إلى مدينة الرقة السورية للتدرب على مختلف الأسلحة تمهيداً لضمهم إلى صفوف التنظيم، يومها لم يكن هناك معسكرات في الموصل، فكانت تلك بداية تجنيد الأطفال والمراهقين بحسب يونس الزبيدي وهو ضابط متقاعد وثيق الصلة بمصادر أخبار “الدولة الإسلامية”.
ويضيف الزبيدي “اليوم أصبح هناك معسكرات عدة أبرزها معسكر أبو مصعب الزرقاوي في منطقة غابات الموصل، وأخرى في الأقضية والنواحي خاصة البعاج والقيارة والحضر وحمام العليل.
هذه المعسكرات باتت تؤرق الموصليين، وبعد تكرار حوادث اختفاء المراهقين الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً بدأ البعض يتنّدر بالقول “من يفقد صبياً فليبحث عنه في أقرب معسكر للدولة الاسلامية”.
عائلة الحاج أحمد فقدت ابنها البالغ من العمر 16 عاماً بالطريقة نفسها التي تحدثت عنها التغريدة بداية المقال، وتبين فيما بعد إنه التحق بإحدى المعسكرات بسبب توبيخ والده له في مشكلة خاصة.
وبعد عملية بحث استمرت يومين ساهم فيها الأقارب والجيران عُثر على اسم الصبي المدعو محمود بمعسكر الزرقاوي في الغابات، وعندما عاد إلى البيت بعد إسبوع اتفق جميع افراد العائلة على التعامل معه بحذر ومحاولة إقناعه بعدم العودة للتدريب.
اعتمدت “الدولة الإسلامية” على الدعوة والترغيب ومنذ البداية تعمّدت أن يحتك عناصرها بطلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة من خلال تنظيم زيارات مستمرة ودخول الصفوف الدراسية وإلقاء محاضرات ترّكز في مجملها على الجهاد.
ويؤكد المدرِّس محمود علي إن عناصر ما يسمى بديوان الدعوة والمساجد باتوا يختلقون الحجج لزيارة المدارس المتوسطة ويوزعون على الطلبة المنشورات والأقراص الصلبة التي تتضمن عمليات عسكرية وأناشيد حماسية.
“نسبة كبيرة من أولياء الأمور أوقفوا تدريس أبناءهم خشية تأثرهم وانجرارهم وراء هذه الدعوات مثلما حصل لبعض زملائهم الذين التحقوا بجبهات القتال وأصبح بعضهم انتحاريين” يضيف علي.
الدعوة لا تشمل المراهقين فقط بل تتعداهم إلى الاطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً ويطلقون عليهم تسمية “جيل الخلافة”، من خلال تنظيم دورات لتحفيظ القرآن في الجوامع.
ويبيّن علي إن القائمين على تلك الدورات يحاولون بذر أفكار التطّرف في أذهان الأطفال، وهناك تُقرأ عليهم مفردات الجهاد والكفار والقتل والخلافة وغيرها، كما يرددون أناشيد حماسية.
وبالعودة إلى القوافل نشرت “الدولة الإسلامية” قبل أيام فيلماً قصيراً لقافلة دعوية متنقلة على ظهر حافلة تجوب مدينة العاب الموصل يظهر فيه أطفال مدججين بالسلاح يرتدون زي مقاتلين يتولون مهمة الترويج للجهاد.
أحدهم لا يتجاوز عمره 12 عاماً كان يصيح عبر مكبرات الصوت فيما يتحلق حوله عشرات الأطفال والشباب “اسمعوا إنني ناصح لكم يجب أن تجاهدوا في سبيل الله وتبايعوا الخليفة”.
ويأتي من بعده صبي آخر يحاول تقمُص دور أبو بكر البغدادي حتى في ارتداء الساعة بيده اليمنى، ليردد أناشيد حماسية تحث على الجهاد وتتغنى بالمفخخات والعبوات والذبح، أما الأطفال الذين هرعوا راكضين باتجاهه كانوا ينظرون إليه بإعجاب.
ويقول يونس الزبيدي معلقاً على الفيلم “إن الأطفال الذين ظهروا فيه هم أبناء لعناصر من تنظيم “داعش” جُندوا ليؤدوا هذا الدور للتأثير على المراهقين.
ويشير الزبيدي إلى إن الكثير من الصبية والأطفال انضموا إلى “داعش” بتأثير أصدقائهم أو أقاربهم الداعشيين، بسبب ما يتمتعون به عناصر التنظيم من امتيازات تتعلق بحمل الأسلحة وقيادة السيارات رباعية الدفع، إضافة إلى الرواتب التي تتكفل بتوفير حياة مترَفه في ظل الوضع المعيشي الصعب للموصليين اليوم.
لكن كثيرون ممن يلتحقون بمعسكرات الدولة الإسلامية سرعان ما يرتَّدون بعدما يتحسسون الخطر ويواجهون التدريب القاسي، وهذا بالفعل ما حصل لابن عائلة الحاج أحمد الذي استطاع أفراد عائلته إقناعه بعدم العودة، كما تمكنوا من شطب اسمه من سجلات المعسكر بوساطة أحد جيرانهم كونه عنصر بارز في “الدولة الاسلامية”.
أخطر ما يمكن أن يُذكر في قصة “جيل الخلافة” وما تخشاه العائلات الموصلية هو تحوّل هؤلاء المراهقين إلى انتحاريين إذ إن النسبة الأكبر من العمليات الانتحارية نفذها مراهقون أو شباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً.
يبدو إن ما تقوم به “الدولة الاسلامية” لا يتعلق فقط بتجنيد مقاتلين جدد في صفوف جيشها بسبب الخسائر البشرية التي تتعرض لها على جبهات عدة، إنما تخطط لتهيئة جيل من المتطرفين ليحلموا لواء “دولة الخلافة” في المستقبل.

*جميع الاسماء الواردة في القصة مستعارة للحفاظ على سلامة أصحابها كونهم يقيمون في مدينة الموصل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة