-1-
قد يكون العنوان مثيراً للكثيرين اذ كيف يكون اللص شريفاً ؟
أليس اللص يسطو بغير حق على الأموال وينتهبها دون هوادة ؟
أليس اللص يعمد الى قطفِ ثمراتِ جهودِ الأخرين بدم بارد ؟
أليس اللص ينتهز الفرص ويوظفها لصالح اقتناصه أموال الناس ؟
أليس اللص بعيداً عن كلّ القيم الأخلاقية وفي طليعتها ” الأمانة ” ؟
أليس اللص منتهكاً للحرمات ومقتحِما بيوتهم ومحلاتهم عنوةً وغدراً ؟
أليس اللص يُروّع الناس بسطوته على أموالهم وانتزاعها منهم والحيلولة بينهم وبين اشباع حاجاتهم ؟
أليس اللص مشروعاً للاجرام يمشي على قدمين ؟
وهكذا تتناسل الاسئلة وتتواصل دون انقطاع لتقول :
لا لن يكون اللص شريفاً ..!!
-2-
ونحن لم نُرد باللص الشريف الاّ اللص الذي عاد الى رُشْدِهِ وانطلق لتدارك خطيئتِهِ ، واسترضاء صاحب المال المسروق .
هنا يفترق هذا اللص عن سائر اللصوص السادرين في غيهم واعتداءاتهم على الناس .
انه رجل صحا ضميرُه بعد سبات …
ورجل لم يُطق البقاء مُثقلا بالأدران …
ورجل أدرك أنه استحوذ على أموال الناس بالباطل فاتجّه الى تصحيح تلك الأخطاء والخطايا …
وكل ذلك يدعونا الى تغيير موقفنا السلبي منه، والعبور به الى الضفة الأخرى …
-3-
لقد قرأت في جريدة (الصباح) يوم الاربعاء 29/4/2015 خبراً يفيد بانّ لصاً كان قد سرق قبل عشرين عاماً مبلغاً من المال قَدْرُهُ (20000 ريال سعودي) وفجأة جاء ودخل بيتاً في الرياض قد كان سرق منه المبلغ المذكور وطالب صاحبه بالعفو والسماح …!!
لقد كان المبلغ المسروق ” مهراً ” لابنة الرجل، واستطاع الأب تجهيز ابنته بالرغم من سرقة مهرها …
لقد انتهت القصة منذ زمن ، وسجلت الشرطة “البلاغ ضد مجهول ” .
انّ اللص التائب لم يحمل معه المال وكشف عن وجود شريكين له في عملية السرقة ، وقد مات أحدهما ، وسيحاول اقناع الثاني بالتسديد ..!!
واستمهل صاحب المال المسروق ليتمكن من ارجاع المال اليه ..
وعاد بعد مدّة حاملاً معه (50000) ريال سعودي فقط لان رفيقه أبى أنْ يسدّد شيئا ، طالبا السماح والعفو عن الباقي .
وهكذا كان
لقد سامحه صاحب المال المسروق مقدّرا انتقاله من خندق (الخبثاء) الى خندق (الشرفاء) .
-4-
وقد خطرت في ذهني وانا أقرأ هذه القصة خاطرة تقول :
لماذا لا يكون هذا اللص قدوةً لمن مارس عمليات النهب والسرقة للمال العام في العراق ؟
ولا سيما في هذه المرحلة بالذات، والعراق بين مطرقة انخفاض اسعار النفط ، وسندان الداعشيين الاوغاد ؟
انّ بامكانهم ” التوبة “وارجاع ماسرقوه الى خزانة الدولة ، وفي اضعف الايمان ارجاع ما تبقى من المال المسروق لديهم اليها … فهل يفعلون ؟
انّ الأمور بخواتمها
فلقد جعجع الحرّ بن يزيد الراحي بالامام الحسين (ع) ثم كان أولَ شهيدٍ بين يديه ، فحاز الوسام الخالد – رضوان الله عليه –
وشيء آخر لابُدَّ من إلفات نظرهم اليه :
انهم يستطيعون الخروج من عهدة المسؤولية بارجاع الأموال المسروقة الى خزانة الدولة حتى مِنْ دون أنْ يذكروا أسماءهم وبأية وسيلة تيّسرت..
المهم المبادرة الى اسدال الستار على ممارساتهم المحمومة، وانتهاكاتهم المذمومة لحرمة المال العام …