لم يكن للعراقيين ذنب لكي تحصدهم معاول الموت سوى انهم يعيشون في ارض الرافدين ارض الحضارة ومهبط الانبياء والاولياء.
ولم تكتفي هذه المعاول المأجورة بتدمير الانسان فقط بل اكملت مسيرتها بهدم الحضارة التي عرف بها العراق منذ الاف السنين وهذا ما شهده العراق منذ الاحتلال الامريكي والى الان، عمليات سرقة منظمة لهذا الارث الحضاري على يد الفاسدين واعداء الانسانية والدين.
ان هذا التدمير الممنهج للإرث الحضاري والانساني لا يقل وحشية عن القتل وهو ابعد ما يكون الى الاخلاق الحميدة التي اوصى بها ديينا الحنيف.
ولان ارض العراق شهدت ولادة اول الحضارات البشرية المعروفة على مستوى العالم والتي كان لها تأثيرها الحضاري الواسع على مختلف الحضارات والدول في العالم القديم والحديث لذا كان لابد من أزالته هذا التأثير وتدميره وباي وسيلة، وما عمليات التخريب والتجريف التي تعرضت لها اثارنا من قبل داعش الا دليل على ذلك.
بل ان هذا التنظيم الارهابي لم يكتفي بتدمير الاثار فحسب بل امتدت همجيته الى دور العبادة من جوامع وكنائس ومعابد والتي كانت جزء من هوية اهل الموصل الذين حافظوا عليها واعتزوا بها منذ الاف السنين.
وازاء ذلك كله كان لابد من وقفة جادة لوضع حد لعلميات التخريب والتهريب ووضع نهاية لأسواقها المنتشرة في مشارق الدنيا ومغاربها خاصة بعد ان أصبح تهريب الاثار جزء لا يتجزء من تمويل الارهابيين والمفسدين الذي يهدفون الى تدمير البلد والغاء ارثه الحضاري، لذا وجب التصدي لهذه التجارة ووضع حد لها وذلك لا يتم الا بتكاتف دولي واقليمي جاد.
ولقد كان لمجلس النواب العراقي دور كبير في الحفاظ الاثار وحمايتها من الضياع والتلف عبر لجنتي السياحة والاثار، وحرصا من المجلس على الاهتمام بالأثار عقد في الايام الفائتة مؤتمر برعاية لجنتي السياحة والاثار في مجلس النواب والذي حمل عنوان “اثارنا.. من التدمير.. الى التهريب” وقد تراسه رئيس المجلس سليم الجبوري واكد في كلمته في المؤتمر على ضرورة التحقيق في تورط جهات دولية بسرقة الاثار ومقاضاتها .
وقال بان عمليات تهريب الاثار لا تحدث دون علم ومعرفة الدول التي يتم تهريبها عن طريقها.
واعتبر الجبوري ان ما تقوم به داعش هو امتداد للتدمير الذي احدثه هولاكو في بغداد،مذكرا في معرض حديثه عن الاثار بواجب مجلس النواب لحماية الاثار من العبث والضياع عن طريق اعادة النظر بالقوانين التي تعالج هذه القضايا وتعديلها ورفع سقف العقوبات التي تقع على مرتكبي هذه الجرائم الى اقصاها ، مطالباً الحكومة بتكثيف الجهود المتعلقة بحماية الاثار وتشديد الاجراءات التفتيشية في المنافذ الحدودية وحماية الاراضي التي تقع تحت التنقيب او تؤشر على انها ارض ضمن حماية دوائر الاثار من اي اعمال بناء او تجريف او تجاوز في الملكية وتحت اي ظرف او سبب او تبرير.
ان هذه الوقفة الجادة للمجلس النواب متمثلة برئيسه اكدت على حرص المؤسسة التشريعية على ملف الاثار لما يحمله من بعد حضاري وانساني والحفاظ عليه وحمايته مسؤولية وطنية تخص كل العراقيين.
لذا فمن الواجب وضع القوانين المشددة التي تجرم كل من يمس ارثنا الحضاري او يحاول سرقته كائنا من كان، والمحافظة على ما تبقى منه ومحاولة ارجاع كل ما سرق مستخدمين كل الوسائل الممكنة لذلك.