كانت قدمايّ تتنقل بي في حدائق مبنى القشلة وتحت برجها المطل على دجلة الخير حين دقت ساعة البرج معلنة العاشرة صباحا وهو موعد بدء الفعاليات الثقافية ..
المبنى الجميل الذي يبدو اكثر بهاء وجمالا بالعراقيين وهم يتجولون في حدائقه ويتجمعون تحت المظلات التي نصبت وسط باحته او يمرون في اروقته وممراته بحثا عن نشاطات هنا وهناك .. فمتحف التراث العراقي الدائم مفتحة ابوابه والاغاني البغدادية تصدح منطلقة من جهاز سيدي ومكبرات الصوت ، البائع يستبدل لون الغناء كل لحظة لجلب مزيد من المتذوقين لهذا اللون من الغناء ، لقد شهد المبنى نشاطات مختلفة هذه الجمعة منها : قصائد شعرية شعبية لأعضاء رابطة اطلقوا على انفسهم اسم أعضاء المنتدى .. وندوة ثقافية حول الدولة المدنية التي نظمها التيار الديمقراطي تحت شعار ( لا يقيم الدولة المدنية الا المدنيون ولا يقيم الدولة الديمقراطية الا الديمقراطيون) ، اما شارع المتنبي فقد حفل كما هي العادة برواده ومقتني الكتب والباحثين عن العناوين الجديدة والقديمة ، كما شهد بيت المدى الثقافي اصبوحة جديدة من اصبوحاته التي يقيمها كل جمعة ، ومقهى القيصرية الذي بدأ ينافس مقهى الشابندر ، حيث جمع الفنانين والكتاب والصحفيين والشعراء ، اصوات حواراتهم تعلوا حتى ليتخيل لنا اننا في سوق وليس في مقهى ثقافي ، الا ان مراسم الفرح بادية على وجوه الجميع احتفاء باللقاء الأسبوعي.
الذي ميز نشاطات جمعة المتنبي الموافقة في 24 نيسان 2015 هو عرض الفلم الإيراني ( شيرين) لمخرجة عباس كيا رستمي الفلم عرض في قاعة الف ليلة وليلة المخصصة اصلا لنشاطات رابطة السينمائيين العراقيين ، هذه القاعة التي لا تصلح أصلا لعرض الأفلام بسبب بوابتها المقابلة لشاشة العرض والتي تفسد المشاهدة كل لحظة عند رفع الستارة من قبل الداخلين والخارجين وتسلل الضوء المفاجئ الى الغرفة الظلماء لابد للرابطة وبالتعاون مع المركز الثقافي البغدادي من استبدالها بقاعة اخرى ، ومن النشاطات المتميزة الاخرى إستضافة معرض فني متميز بعنوان لمسة عراقية انتشرت لوحاته في باحة المركز .. لابد من الإشارة الى ان المكتب الإعلامي في المركز الثقافي البغدادي بادر ومنذ أسابيع الى اصدار جدول بالفعاليات الثقافية التي تعرض في المركز خلال الجمعة وهي انتباهة رائعة من قبل اعلام المركز حيث يستطيع المتابعة ان يتعرف على مختلف النشاطات والأماكن التي تقام فيها الجهات التي تنظمها .
باحة المركز شهدت أيضا مجموعة فعاليات ثقافية تمثلت في معارض فنية ومعارض للكتاب .. ومن النشاطات التي أقيمت في القاعات المتخصصة ندوة أقيمت في قاعدة جواد سليم نظمها الملتقى الثقافي لاتحاد الادباء والكتاب تمت خلالها استضافة الكاتب جابر محمد جابر وادار الندوة الشاعر محمد جبار كما شهدت القاعة نفسها اصبوحة شعرية باستضافة الشاعر عبد الجبار الفياض .. لقد طغى الشعر هذه الجمعة على بقية الفعاليات .. فقد شهدت قاعة على الوردي اصبوحة شعرية لمجموعة شعراء الرافدين وشهدت قاعة نازك الملائكة اصبوحة شعرية أخرى مع ندوة بعنوان (مفهوم القصيدة النثرية واشكالية التلقي) ثم استضافة قاعة على الوردي محاضرة حول الشيخ علي الخاقاني ورحلته مع الادب للأستاذ رفعت الصفار نظمتها رابطة بغداد الثقافية واحتضن مسرح سامي عبد الحميد مهرجان الخالص في رحاب المتنبي اقامته منظمة السلام .
واستمرت قاعة محمد غني حكمت باستضافة نشاطات تجمع لقاء الاشقاء وكذلك الحال مع القاعة التشكيلية التي استضافة المعرض الفني لمحمد السبع منذ الأسبوع الماضي وجددت استضافته هذا الأسبوع. وهذه القاعة التي بقيت دون اسم نتمنى ان تسميها إدارة المركز الثقافي باسم إحدى الفنانات العراقيات قد تكون ( نزيهة سليم) او أية فنانة بالتعاون مع نقابة الفنانين العراقيين.
وذلك لابراز دور المراة العراقية الثقافي واسهامها في الحركة الفنية الثقافية في بلدها . الندوة الأكثر فعالية والتي شهدت حضورا متميزا تلك التي أقيمت في قاعة العلامة حسين علي محفوظ والتي أقامها منتدى فيض للثقافة والفكر ، عنوان الندوة ( اسرار برمجة العقول ) بمشاركة الدكتور زياد الحسني المدرب الدولي الاقدم والخبير في التنمية البشرية حيث اجاد الدكتور زياد في عرض موضوعه ما عمل على شد انتباه الحضور والتزامهم مقاعدهم طوال فترة الندوة على عكس الفعاليات الأخرى حيث تشهد حركة دائمة في دخول وخروج المتابعين ، القاعة امتلأت برواد المتنبي وادارت الندوة الكاتبة ايمان العبيدي. الأسبوع الثقافي البغدادي حافل بالنشاطات ففي الوقت الذي تركزت فيه النشاطات يوم الجمعة فان المحافل الثقافية الاخرى شهدت خلال الأسبوع فعاليات مختلفة أيضا منها معارض فنية وندوات وحفلات تكريم لمبدعين ، وتميز حفل الفرقة السمفونية الوطنية الشهري على المسرح الوطني يوم الاربعاء الموافق 22/4/2015 كونه ابداعا من نوع آخر حيث قدمت مجموعة معزوفات لموسيقيين عالميين بقيادة المايسترو محمد امين عزت واشترك فيها 94 عازفا وعازفة ، وهكذا يستمر المشهد الثقافي العراقي بتقديم المزيد من الابداع إضافة الى الفعاليات الثقافية التي تشهدها المحافظات العراقية . انه العرس الثقافي الأسبوعي.