لا يختلف اثنان من الشيعة المثقفين على التدخل القذر والسلبي لامريكا واسرائيل والسعودية وقطر وبريطانيا وتركيا وغيرهم في الشأن العراقي…
وداعش، ومن قبلها القاعدة وأخواتها، صناعة هذه الدول مع شديد الاسف…
ولكن… الشيعة ومنهم المثقفون والمتنورون… ينقسمون في الرأي من ايران… فمنهم؛ من يرى انَّ ايران هي العمق الاستراتيجي لشيعة العراق والعالم…
ومنهم؛ من يرى انَّ ايران تستغل الموضوع المذهبي لتحقيق مصالحها القومية ومناطحة امريكا وحلفاءها بمليشيات شيعية عقائدية مسلحة تدعمها وتسلحها وتدربها وتخوض بها المعارك السياسية والعسكرية…
ومنهم؛ متذبذبين، لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء…
اما أنا وأمثالي من الباحثين والمحللين المحايدين والمتحررين من عبودية التمذهب؛ ننظر إلى الاحداث والمواقف والسلوك من خلال مجاهر البحث العلمي وأدواته العلمية…
هناك قاعدة في علم الاجرام، وعلم نفس الاجرام مفادها؛ اذا وقعت جريمة أو حادثة معينة، أول خطوة للتحقيق فيها والبحث عن الجاني هي البحث عن المُستفيد…
وكما قلنا… لا نختلف في استفادة امريكا واسرائيل وبريطانيا والسعودية وقطر وتركيا من دخول داعش للعراق… والمقام لا يسمح بذكر التفاصيل وكيفية هذه الاستفادة…
لكن… تعالوا نسأل: هل ايران والمليشيات الشيعية المسلحة المرتبطة بها مُستفيدة من دخول داعش، وهذه الحرب القذرة؟؟؟؟
الباحث والمراقب والمحلل للأحداث الجارية في العراق… يرى بوضوح مدى الاستفادة الكبيرة لايران والمليشيات من هذا الصراع العبثي مع داعش وأخواتها… كيف؟؟!!
فيما يخص ايران… أفضل فرصة ذهبية حصلت عليها للتدخل المباشر وعلى الصُعد كافة، وخاصة الصعيد الامني والعسكري في العراق هي دخول داعش للعراق ومبررات قتاله ودفعه… وكذلك حصلت على أفضل فرصة ذهبية لاستمالة الشيعة في العراق وخداعهم وكسبهم إلى تأييدها، وكسب محبتهم وولاءهم لها ولنظامها (نظام ولاية الفقيه)… فشريحة واسعة من الشيعة ومنهم من المثقفين والاكاديميين والاعلاميين يرون: انَّ ايران هي الحامي الحقيقي للشيعة… وانه يجب كسر الحدود بين العراق وايران… لان الدين الاسلامي والمذهب الشيعي لا تحده حدود مُصطنعة من صنع الاستعمار الاوربي… والآن القرار السياسي العراقي تقريباً مرهون، أو مُرتهن بالقرار الايراني من حيث تُريد الحكومة العراقية، أو من حيث لا تُريد… ومن حيث تعلم، أو لا تعلم… ولا أستطيع الاسهاب بالتفاصيل…
أما فيما يخص المليشيات؛ وخاصة (العصائب وبدر والكتائب)… وزعمائها، وبالأخص (هادي العامري وقيس الخزعلي)… فاذا كانت منظمة بدر قد حصلت على حوالي (26) مقعد بالبرلمان… فهذا الفوز لم يكن بسبب شعبيتها والتأييد الشعبي لها، وانما كان بسبب نفوذ المالكي ومافياته، والاستغلال البشع لكل امكانيات الدولة والحكومة (والأمر أوضح من أنْ يُوضح لكلِّ ذي عقل وقلب)… والعصائب برغم كل الامكانات المالية واللوجستية والدعم الايراني لم تحصد إلاّ على مقعد أو مقعدين بالبرلمان… وأما (كتائب حزب الله) فحسب علمي لم تدخل الانتخابات لاسباب (سياسية وأمنية)… وعلى ما أعتقد؛ كانت واحدة من الاسباب المُهمة، عدم وجود زعيم يتصف بكارزما جاذبة، وعدم وجود شعبية لها، وكذلك كانت تبحث عن اقتناص فرصة تأريخية تكسب فيها التأييد الشعبي الكبير…
هذه المليشيات الكبيرة في امكانياتها، والدعم الهائل الايراني لها، استغلت وجود داعش ومُقاتلته من جانب، وتخاذل الجيش العراقي وفساد قادته من جانب آخر… علماً؛ كان ذلك مُدبراً… ووراءه ايران… (دخول داعش للعراق، وفساد الاجهزة الامنية العراقية بمساعدة المالكي ومافياته وعصاباته التي زرعتها وغذتها ودعمتها ايران)… أقول: لا يخفى على كُلِّ ذي لبٍّ، الشعبية الكبيرة التي حصلت عليها هذه المليشيات من المعركة مع داعش… وكوني باحثٌ في علم النفس السياسي وقياس الرأي العام… استطيع أنْ أُخمن حجم المقاعد الكبيرة التي سوف تحصدها الاجنحة السياسية وزعماء هذه المليشيات، وخاصة (هادي العامري) في الانتخاب المُقبلة… وعلى ما أعتقد، سوف تذهب النسبة الكبيرة للأصوات التي حصدها المالكي في الانتخابات الماضية، لـ(هادي العامري)، ولمنظمة بدر، وللعصائب، والمُتبقي، ستذهب للكتائب اذا استطاعت أنْ تصنع زعيماً سياسياً كارزمياً للفترة القادمة…
الخلاصة: من خلال مُعطيات علم النفس الاجرامي… وعلم النفس السياسي… ومُعطيات الحرب النفسية، وأدوات تقنية غسل الدماغ الجمعي… نستطيع القول وبكل ثقة علمية… انَّ المُستفيد الأكبر من الحرب مع داعش؛ هي ايران والمليشيات المرتبطة بها… وكذلك امريكا واسرائيل… (فيما يخص استفادة امريكا واسرائيل الامر اوضح من أنْ يوضح)….
ومن خلال هذه النتيجة… نستطيع أنْ نفك بعض أُحجية داعش… فنقول: أنَّ صناعة (امريكية – اسرائيلية – خليجية)… وعملية دخولها للعراق كان بمؤامرة اشترك بها ايران و(المالكي) من خلال (العامري) الجنرال في الحرس الثوري الايراني… فعدا المصالح العلنية والمخفية لهؤلاء… تبقى مصلحة اضعاف العراق وتفتيته وتمزيقه مصلحة عُليا لكل الدول الاقليمية والدولية وعلى رأسها (امريكا واسرائيل والسعودية والخليج وتركيا وايران والكورد)…..