{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
فجع الشهيد خليل إبراهيم سلمان الفيلي، بسوقه عسكريا، الى الحرب، حال عودته من لندن بشهادة هندسية عليا، العام 1980، بدلا من إستثمار العلم العائد به، طمر في المواضع والسواتر؛ كي يقاتل من اجل قضية لا يؤمن بها.
صورةولد في بغداد العام 1955، مكملا دراستة الابتدائية والثانوية بتفوق، أسفر عن نيله شهادة الدبلوم في الهندسة الميكانيكية العام 1975 ولكون عائلته ميسورة الحال أرسله والده إلى لندن؛ لأكمال دراسته في الهندسة، التي عاد منها متفوقا ليخدم بلده بما اكتسبه من علم ومعرفة.
لكن.. في ظل طاغية، إستنفد خمسة وثلاثين عاما في مقاتلة الجيران، طلب لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، بداية إشتعال فتيل الحرب العراقية الإيرانية، التي إلتهمت النوايا والهمم.
الاجتماع مع صدام
خلال نزوة مقصودة لتدمير الإنسان العراقي، إجتمع المقبور بالتجار، من الكرد الفيليين، في غرفة تجارة بغداد؛ ناصبا لهم كمينا؛ إذ جمعهم بغية تسفيرهم إلى إيران.. لوحدهم فرادى من دون عوائلهم!
لذة تعذيب الآخر، نوع من سادية مجرمة، لمتسلط أهوج، يذل القوي ولايرحم ضعيفا؛ لذا إختار الفيليين حصرلا.. دون سواهم، من الوان الطيف العراقي.
سجن رقم (1)
نزل مجازا من جبهة عدوان صدام على إيران، ليجده قد سحق الجبهة الداخلية، للشعب العراقي؛ إذ ألفى أباه مسفرا، مع مجموعة من التجار.
إقتحمت مجموعة مسلحة من جلاوزته، بيتهم.. إعتقلوا أفراد العائلة كافة، في دائرة الأمن العامة، ثم تركوهم عند الحدود العراقية الإيرانية، أما الشهيد فقد حُجز في سجن معسكر “الرشيد.. رقم واحد” لمدة (أربعة أشهر) ثم نقل إلى (سجن أبو غريب) واضرب الشباب المعتقلين من الكرد الفيليين عن الطعام لمدة ثلاثة أيام يطلبون إلحاقهم بذويهم المسفرين.
غضب القائمون على “رقم واحد” إستثير غيظ جلاوزة النظام؛ فإتهموه ومن معه، بإثارة “بلبلة وفوضى” داخل المعتقل.
عزل السجانون، مجموعة الشباب، الذين إعتبروهم مثيري شغب، ناقلينهم الى سجن انفرادي، ومنه ثم إختفوا ذائبين في عالم مجهول.
العالم المبهم الذي غيب الشهيد خليل الفيلي ومجموعته، بات معلوما بعد 2003؛ إذ وجدت رفاتهم الطاهرة، في واحدة من المقابر الجماعية.
فيليون
شمل ظلم الطاغية صدام العراقيين كافة..عادلا بتوزيع جوره؛ لكنه إختص الشيعة والكرد، بمقدار أغزر تدفقا في القسوة والبطش واللعن! وبما أن الفيليين يجمعون الانتمائين.. الشيعي والكردي.
تتلاقف المأسي أرواح الأبطال، تطويها؛ كي يعيش من يجيئون بعدهم، رفاها بناه السابقون لبنة لبنة؛ ترتصف ثابتةً للمستقبل.
يحقد صدام يحقد على شريحة الكرد الفيليين كونهم عراقيين اصلا ومخلصين لوطنهم وبسبب طمعه بثرواتهم وأملاكهم التي كانوا يتبرعون بها لذئاب الأمن والمخابرات.
وبهذا إستشهد خليل؛ لأنه تمسك بالعراق، ولم يشأ التفريط به، كاسبا النفاذ الى الجنة.. في علياء فراديس الرحمة؛ ولو أرادها دنيوية؛ لإرتضى خيار مجاراة الباغي، وعاش متنعما بحمى ترفه المبطر.