كانت النجف ولا زالت محطة من محطات الانفتاح الفكري على الاخر حتى ان الانسان يظن انها احد الاسرار الكونية لاننا لا نجد مكانا الا ونجد فيه قيودا على الفكر والاراء وهذا ما لا وجود له في النجف .
وفي زمن النظام البعثي كان الكتاب اخطر الامور في نظر النظام حتى ان الحساب كان شديدا على كل من يحاول النشر بعيدا عن انظار الدولة وكانت الحكومة في التسعينات تمنع حتى مراجع التقليد من طبع كتبها في العراق فكانت المرجعية تضطر الى طبع الرسائل العملية في لبنان من اجل الحصول على اذن لدخولها لانها لا تتضمن مخالفة لقوانين النشر المعمول بها في العراق في تلك الفترة.
وكان العراق ولا يزال هو البلد الاول في تسويق الكتب الى القراء وقديما قيل : ( الكتاب يكتب في مصر ويطبع في لبنان ويقرا في العراق) وهذا الامر لمسه اصحاب المكتبات الذين شاركوا في معارض الكتب التي جرت في العراق بعد التغيير وقد جاءت حتى المكتبات الخاصة بكتب المخالفين لتبيع الكتب في النجف كما هو الحال في معرض طهران الدولي السنوي .
وجرت في السنوات الاخيرة عدة معارض للكتاب بعضها في كربلاء وهو معرض ربيع الشهادة وكذلك معرض الكتاب الدولي في النجف الاشرف ولكل من المعرضين حالات في الشدة والضعف وفي الايجاب والسلب فتارة تجد الوضع جيدا جدا واخرى تجد الوضع عاديا وكانك تشتري من سوق الكتب في النجف او كربلاء وبغض النظر عن ذلك لم يكن يمر معرض حتى يحصل الانسان على عدد من الكتب التي كان يبحث عنها خلال السنوات الماضية .
وطريقة النجاح في المعارض تتعلق كثيرا بوجود دعم مادي للكتب من اجل بيعها او لاصحاب المكتبات حتى لا يرفعوا اسعار كتبهم بسبب مصاريف النقل الباهضة ويكون التدخل في ذلك هو السبيل في زيادة حجم المبيعات ويساهم في حصول القراء على الكتب باسعار مناسبة .
ووصل المعرض الدولي في النجف الى الدورة السابعة الا انه لم يكن يتضمن دعما للكتب ولا لاصحاب الكتب كما هو المقرر في كل المعارض التي تجري في الدول القريبة ولما كان هذا الوضع ليس غريبا على المتتبع للقضية صار التقبل له امرا طبيعيا .
ومن خلال التواجد في المعرض في هذه الدورة كان الوضع غريبا ففي الوقت الذي تدعم فيه بعض لجهات الدينية ترويج الكتب من اجل نشر الثقافة وجدت ان هناك دعما خاصا لبعض الكتب الخاصة بكتاب الضلال والمنحرفين وبصورة غريبة .
وفي الوقت الذي كانت تباع فيه الكتب باسعار غير مدعومة كانت كتب بعض المؤلفين المنحرفين تباع الدولة الكاملة بثمن المجلد الواحد وهذا امر يدعو الى الريبة والاستغراب كيف يحصل ذلك بالقرب من مرقد الامام علي عليه السلام وبرعاية من الامانة العامة للعتبة العلوية .
واذكر انني كنت يوما قرب احد اصحاب المكتبات الدينية في كربلاء فرايت عنده كتاب ينفي وجود احدى زيارات الائمة عليهم السلام فقلت لصاحب الدار وهو صديقي كيف تبيع هذا الكتاب وهو ضد عقائد المذهب ؟؟؟
قال لي : كلامك صحيح لكن هذا الكتاب ليس لي انما هو لشخص يعمل في احدى العتبات .
فقلت له : كيف لاحدى العتبات .؟
قال : ان احد موظفي العتبة الفلانية ذهب الى بيروت ليشتري كتب لمكتبة العتبة فوجد كتابا عن الزيارة فجاء به دون ان يعرف المحتوى ولما وصل الى العراق عرف ان هذا الكتاب ضد الزيارة ولما كان قد اشترى كمية كبيرة منه فقد عمد الى توزيعه على اصحاب المكتبات حتى يبيعوا الكتاب ويسترد المال ليعيده الى ادارة العتبة .
فاذا كان القائمون على العمل العلمي بهذا المستوى فليس من الغريب ان نجد من يدعم هذه الكتب المنحرفة لتباع في معرض النجف من دون بقية الكتب الاخرى ؟؟؟
ومن هنا لا داعي للسؤال عن الجهة التي تدعم هذه الكتب لانها يمكن ان تكون كهذا الموظف الذي جاء بالكتب من لبنان ليببيعها في العراق على حساب العتبة الفلانية وما دام الانسان غير المناسب في مثل هذه الاماكن فلا عجب اذا راينا اغرب من هذه الظواهر الخطيرة ولهذا نحتاج الى ثورة علمية ضد اندساس هؤلاء بين الموظفين بحجة القرابة والحزب فحماية البلد والدين من هؤلاء اولى من حمايته من الارهابيين لان العقول اذا فسدت فلن ينفع معها ايقاع العقاب …