الإعتماد على الغير مذلة وإرتهان وإنتحار.
فالدول العزيزة الأبية تعتمد على نفسها وتستثمر في ماعندها من الطاقات والقدرات بأنواعها.
ومن أمثلة الإعتماد القاتل , كان العراق من مصدري الحنطة والرز وبعض المحصولات الزراعية الأخرى , وفي نهاية السبعينيات من القرن الماضي , غصت الأسواق بأكياس الرز والطحين وبأبخس الأثمان.
وإستمر الحال لبضعة سنوات , مما أفقد الفلاح الرغبة في الزراعة , لأن ما ينتجه يأتي من القوى التي إعتمد عليها العراق بأرخص ما تكون عليه الأسعار , حتى أن العديد من المسؤولين صاروا يستهزؤون من الزراعة , لأنها تكلف كثيرا وما يستوردونه يأتي رخيصا, وكانت تصريحاتهم الجاهلة تتردد في وسائل الإعلام , وهم لا يدركون عواقب هذا السلوك.
حتى وجد العراق نفسه حين أطبق عليه الحصار , لا قدرة لديه على إطعام نفسه حتى من تمر النخيل الذي أباده بوحشية غير مسبوقة بالتأريخ.
وهذا ينطبق على مصر أيضا , التي فقدت الكثير من قدراتها الزراعية والإنتاجية والصناعية , بسبب مهلكة الإعتماد على القوى الأخرى فيما كانت تنتجه وتصنعه.
وفي عالمنا العربي , هناك دول تعتمد بالكامل على قوى كبرى في كل شيئ , وتراها تسعى لإتخاذ موقف سياسي لا يتفق وإرادة القوة المُعتمدة عليها , وهذا يعني السقوط في منزلق الويلات والتداعيات , فالمُعتَمَد عليه يمتلك مصير الذي إعتمد عليه , فالإعتماد على الغير عبودية ومصادرة لحرية القرار والحياة.
وهذه من أهم أسباب مصائب العرب في جميع دولهم , لأنهم فرطوا بقدراتهم وطاقاتهم وإعتمدوا على الآخرين , وحسبوا ذلك قوة وتقدما وتحضرا , وتناسوا أن القوة لا تشترى ولا تباع , وإنما تنمو وتترعرع في أوطانها , وبجهد المواطنين الذين يساهمون في صناعة مجد الذات الإنسانية الوطنية , وقدرات الوطن الذي فيه يتحققون.
فهل سيعتمد العرب على أنفسهم ويتحررون من التبعية والتخبط والهوان؟!!