العالم المتقدم اليوم في نشاط مستمر وصراع مع الزمن من اجل امتلاك وسائل الإنتاج الأكبر والأضخم والأدق والأسرع والأذكى للاستغناء عن الأيدي العاملة شيئا فشيئا واليوم العالم يبحث عن رأس مال معرفي يساهم في تحقيق أهدافه المرسومة بسرعة وكفاءة وفاعلية ,,نلاحظ ان الغرب و وأوربا شبه قائمة على القطاع الخاص بل يكاد يكون نشاط الدولة الإنتاجي معدوما مقابل نشاط القطاع الخاص في شتى المجالات فنسبة القطاع الخاص في أمريكا 70% والقطاع العام 30% ,,فالغرب اليوم يبحث عن مصادر جديدة للطاقة ويتسابق في تثبيت معالم الاقتصاد المعرفي, في السابق مثلا (( كانت الأرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم بينما أصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات وصار للذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال أو المواد أو العمالة. وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصاديات المعرفة تستأثر الآن 7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتنمو بمعدل 10 ٪ سنويا. وجدير بالذكر أن 50 ٪ من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (( العراق اليوم لم يعد من البلدان النامية او ما يسمى دول العالم الثالث بل أصبح خلف الدول النامية بكثير ومتأخر عن اقرب دولة نامية حيث نخر الفساد كل مفاصله المهمة والحيوية حتى بات يتصدر القوائم العالمية بالفساد ,,العراق اليوم يعتمد الاقتصاد ألريعي (( مصدر وحيد للاقتصاد النفط مثلا)) وهو بذلك يضحي بأعظم ثروة يمتلكها ويبددها نتيجة لعدم وجود خبراء أكفاء في إجراء جولات التراخيص للشركات النفطية حيث لم يستفيد العراق من الغاز المصاحب للنفط مثلا ولا حصل على تعهد او مباشرة ببناء البنى التحتية للبلد وفق المواصفات العالمية الحديثة ,,ان الدول اليوم عادت الى تطوير الزراعة واستخدام الوسائل الحديثة في الإرواء وعدم التفريط بقطرة ماء واحدة حيث كل مياه المطر محفوظة وكلُّ مقدر بقدره حيث السدود والخزانات ,,بينما العراق مازال تحت وطأة الإهمال والإرباك والتخلف فالنظام المصرفي الذي يعتبر احد الشرايين المهمة التي تغذي اقتصاديات العالم وحركة السيولة النقدية نراه في العراق خاضع تماما للدولة وتجاذباتها وتخبطها كما ان قوانين الاستثمار في البلد متأخرة وتساهم مساهمة فعالة في طرد المستثمر الأجنبي فضلا عن مساهمتها في طرد رؤوس أموال البلد الى الخارج وبالتالي عدم وجود فرصة لدعم وتفعيل القطاع الخاص الذي يعتبر مصدر رئيسي في القضاء على البطالة المقنعة التي جعلت الدولة مثقلة بجيوش من الموظفين العاطلين عن العمل في بلد لا ينتج الا النفط بشركات أجنبية ,,الإصلاح الاقتصادي في العراق يجب ان يتضمن حزمة سريعة وموضوعية من القوانين في دعم القطاع الخاص وتفعيل حقوق العامل والضمان الاجتماعي له وإعطاءه تقاعد أيضا لكي يكون مساوي الى الموظف في الدولة ,,وكذلك دعم الزراعة وإنشاء السدود والخزانات للاستفادة العظمى من مياه النهرين ومياه الأمطار وكذلك خصخصة بعض وسائل الإنتاج التي بيد الدولة كتجربة أولى وفي حال نجاحها تعميمها على بقية وسائل الإنتاج ودعم السياحة وقبل كل هذا لا بد من توفير أرضية أمنية صالحة لجذب المستثمر ولتفعيل كافة القوانين ذات الصلة بالاقتصاد .