كهرباءُ القُطُر كما هو محسوسٌ وملموسٌ وميؤوس , لمْ تعد معضلة فحسب , إنما ولكنما مرضٌ عضال مزمن تداخلت فيه عواملٌ ومسبباتٌ مرئية ومخفية ملفوفةٌ بإحكام بحبال الأبهام والأحجية , كما لم يعد ممكناً التعرّف على شخصيّة هذا الفيروس الفريد من نوعه الذي ضرب كهرباءنا الوطنية وجرّدها من الوطنية , وخصوصا أنّ هذا الفيروس لاوجود له في باقي القارّات .
ولمْ يبق من سبيلٍ لمن يحاول التعمّق والتفكّر في أبعاد هذه المسألة المستعصية سوى أن يلجأ ويلتجئ < دون طلب اللجوء > الى اجراء تحليلاتٍ معرفية متخصصه في مثل هذه الأمراض غير الموجودة .! واظنُّ أنّ اوّل بوابةٍ سيطرقها المتتبع هي بوابة < علم النفس – PSYCHOLOGY > بغية البحث عن الأجواء البيئية الممهدة لإندلاع ازمة الكهرباء وديمومتها , لكنه سيصطدم بمطبّات الغموض والمتاهات و ” السيطرات ” الوهمية التي ستجعله يستعجل الركض الى من حيث اتى , وفي هذه الحالة فلعلّ الباحث سيتّجه نحو بوابة < علم الإقتصاد – SCIENCE OF ECONOMY > ليكتشف بذهولٍ أنّ وزارة الكهرباء الموقّرة إنما تقوم بالقطع والتقطيع المتقطع للكهرباء بغية توفير الوحدات الأمبيرية والسعرات الحرارية الى موسم الشتاء القادم , وعند حلوله تعيد الكرّه لتوفيرها للصيف اللاحق , ليعود الباحث بخفّي حنين , لكنه لكي لا يبتعد كثيرا عن ” علم الأقتصاد ” فلعلّه سيقوم بزيارةٍ خاطفة الى < علم التجارة – SCIENCE OF TRADE > ليجد أنّ ما تقوم به هذه الوزارة هو خدمةً لتوفير الموارد المالية للوطن عبرَ تخصيص كميات من الكهرباء المستقطعة لأغراض ” التصدير ” كما قالها سابقا ” الشهرستاني – نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ” .. وفي هذه الحالة فأنّ المتتبعين والباحثين قد يجدون رؤوسهم تلتفت وتستدير الى ” ذات اليسار وذات اليمين !! ” ليجدوا انفسهم فجأة يقفون أمام ما يُصطلح عليه بِ : < السلامة الوطنية – NATIONAL SAFEGUARDING > التي تسوّغ وتبرر قطع الكهرباء عن الجماهير بذريعة وبحجّة التقليل والتخفيض من الحرائق الناتجة عن ” التماس الكهربائي ” ولا سيما – غير المفتعل !! –
ثمّ , إذ يكاد لم يبقَ أمام السادة الباحثين سوى اللجوء الأنساني وغير السياسي الى : < علم الزراعة – SCIENCE OF AGRICULTURE > فقطعاً ويقيناً ومن دونِ ” قَسَمٍ بالطلاق ” فأنّهم سيوقنون أنّ وزارتنا الكهربائية إنما تقوم بزرع بذور اليأس فيهم وسيديمون سقايتها من ماء الإسالة كي لا يفكروا مرة اخرى بأحتمال عودة الكهرباء كما كانت عليه قبل الأحتلال الغاشم .
ولعلّ , وليتَ و عسى , أنّ آخر محطّةٍ معرفيّة يمكن المرور عليها مرور الكرام هي محطة : < عِلم التنقيب – SCIENCE OF EXCAVATION > والذي عند البحث والتوغّل فيه الى عمقٍ مناسب يمتد الى 12 عاماً ونيف ! , فأنّ نتائج البحث ستكشف عن وجود قاسمٍ مشترك بين كافة الوزراء ووكلاء الوزارة ويضاف لهم المدراء العامون وحماياتهم الذين تناوبوا على رأس وجسد هذه الوزارة , وصرفوا على الإستمتاع بها ملياراتٍ تتلو مليارات من الدولارات , وأنّ هذا القاسم المقسوم هو أن يبقى الحال كما هو عليه حتى يحدث ما هو ليس في الحسبان والإحتساب والحساب قبلَ او بعدَ يوم الحساب .!!
أمّا رأينا في < الإعلام – SCIENCE OF MEDIA > والذي تسبقه مواساتنا وتعازينا لمن يغامر ويخاطر في محاولة التعرّف عن ازمة الكهرباء الأزلية والقدريّة ” في هذا العهد ” , فنقول وَوِفقَ التصوّر الإعلامي – التحليلي المجرّد , أنه ما كان لمعالي السيد وزير الكهرباء أن يغامر ويقامر بالأعلان عن رفع تسعيرة الكهرباء بما يثقل كاهل الجماهير لولا حصوله على ضوءٍ اخضر من اعلى جهةٍ عُليا , إنْ لمْ يكن موجّهاً بهذا الإتجاه ..!