23 نوفمبر، 2024 4:19 ص
Search
Close this search box.

المعلم الراقـــص

المعلم الراقـــص

كلما حاولت التوقف عن الكتابة وتسليط الضوء عن عمل التربية والتعليم في العراق أقصف بصاروخ أجتماعي يجعلني أهرع للكتابة كلمجنون ! ظنا مني ربما قد استطيع ان ايقظ شخص او مسؤول ما من نوما عميق يسيطر عليه دون ان يشعر , نحن نعلم جميعا ان جميع قطاعات العراق سواء كانت امنية او سياسية او اقتصادية او اجتماعية او صحية لاتعمل بصورة نظامية والصورة التي هي عليها اليوم هي صورة مرة لهياكل ومؤسسات ودوائر ساكنة من الصعب اصلاحها , وتلك هي من الحقائق الثابتة التي لامجال ابدا لانكارها و اخفائها , ولست اليوم بصدد الحديث عن اسباب ترهل تلك التجمعات اقصد المؤسسات وسبل علاجها , فالمعنيون والخبراء ورجال السياسة والاقتصاد والقادة والبرلمانيون العظام عجزوا عن ايجاد حلول لابسط متطلبات الحياة اليومية للمواطن العراقي البسيط لكننا لن نتوقف عن الكتابة ابدا فهي رسالتنا كصحفيين واعلاميين , ومن تلك القطاعات الحيوية الميتة في العراق هو قطاع التربية الذي تراجع وبشكل كبير خلال السنوات المنصرمة وبشكل ملحوظ , فكان الاهمال وعدم المبالاة وغياب الرقيب والمحاسب وفقدان التأهيل الصحيح للانسان والابنية والتجهيزات والضعف الحاد في الأشراف التربوي ورداءة المناهج وانحصار الامكانيات المادية والمعنوية هي مجمل ماتميز به هذا القطاع المهم في بلاد وادي الرافدين , وقبل ايام جاء لي أبن أختي وهوة طفل صغير من طلبة المرحلة الأبتدائية ومعه جهاز الموبايل ( الكلاكسي ) الخاصة به ليستعرض لي تسجيل فديو مصور عن حفل أقيم في مدرسته الواقعة في جانب الرصافة من بغداد , فقال : خالو شوف هاي حفلتنا في المدرسة ؟ وفي اقل من ثانية وانا اتئهب لمشاهدة هذا الحفل حتى انطلقت الاصوات العالية من مصدر الحفل حيث الرقص وهز الاجتاف والردح وطك الاصبع كما يشاع من وصف اهل بغداد للرقص , فصدمت بشدة وقلت له : من تلك الراقصات اللواتي يرقصن وهن حافيات ؟ اجابني ابن اختي العزيز : هؤلاء المعلمات في مدرستنا شبيك خالو ! انحصر الكلام في صدري للحظات من هول الصدمة وانا اقول بصوت خافت معلمة حافية وترقص مع الطلاب ! عاودت المشاهدة لارى لقطات ذلك الديسكو … اسف المدرسة حتى حانت المفاجاة الكبرى ليظهر في الفديو رجل اعتلى الشيب راسه يغوص بشدة مروعة في اهواء الرقص الحاد غير مبالا لمقدار عمره او لاي شيئ اخر غير انه مبتهج

بوجوده وسط حشر من المعلمات الحافيات ! استمر الرقص لفترة ليتقن الجميع درس الرقص في تلك المدرسة من طلبة صغار ومعلمات .. ارهقني التفكير كثيرا بشأن تلك المأساة التربوية المصورة التي سجلت في ذلك المقطع من الفديو والتي من السهل تداولها حتى في مواقع التواصل الاجتماعي وانا اتسائل قد من يكون ذلك الرجل ؟ هذا الرجل الذي توسط المعلمات في رقصة( العلم والمعرفة ) تلك , فقلت مع نفسي ربما هو مدير المدرسة ؟ فكانت الاجابة ب( لا ) كون مدير المدرسة هي سيدة وليست رجل , اذن ربما هو معلم في تلك المدرسة ؟ فاجبت نفسي لااعتقد لانه كان يرتدي ثيابا لاتدل على انه معلم او حتى من العاملين في مجال التربية فلايجرأ ان يدخل معلم او موظف تربوي الى تلك المدرسة ب( مداس) اجلكم الله , لكنه قد يكون افضل حالا ووقارا من ذلك الكادر التعليمي الذي كان يرقص وهو حافي القدمين ! كان الاجدر بهم ان يرقصوا على انغام اغنية كاظــــــــم الساهـــــــــــــــر ( ترقص حافية القدمين) لكي يتفاعلوا مع الامر بشكل اعظم !! اوقفت الفديو ونظرت الى ابن اختي لاسائله من هذا الرجل الكبير صاحب البطن الكبيرة ( الكرش ) فرد عليه قائلا : خالو هذا سايق الخط مالتنه !! تمالكت نفسي بقوة وانا اكرر السؤال لاسمع نفس النتيجة نعم هو سائق الخط الذي اتذكره في ايامنا كان لايجرؤ الوقوف امام بوابة المدرسة !! فباي زمن بائس نعيش نحن !! فتصورا ياسادة ان نجم الحفل كان سائق خط النقل الخاص بتلك المدرسة .. انني اكتفي بهذه الخاتمة ولن اضيف شيئا اخر كون الحالة السلبية ظاهرة للعيان كوضوح قرص الشمس الكبير ولن اناشد وزير التربية باتخاذ اجراء معين او من هذا القبيل لاننا قد وصلنا لمرحلة فاقت كل المراحل السابقة ولكننا نكتب لنهمس في اذن معاليه ان الحال وصل بالمعلم والطالب واخرون يطكون اصبعتين !!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات