29 سبتمبر، 2024 6:24 ص
Search
Close this search box.

قراءة في قصة قصيرة صورة رجل يتآكل  للقاص حسب الله يحيى

قراءة في قصة قصيرة صورة رجل يتآكل  للقاص حسب الله يحيى

استحضار الذاكراتية وخرق انتقائية العنونة
قد يكون القاص حسب الله يحيى بهذا النص (صورة رجل يتآكل) اقرب مايكون الى بنية التوصيف (الذاكراتي السيري) حيث انه اقرب مايكون الى صدق التشخيص الفني بكل ما يحمل من انشطارات الجمالي والموضوعاتي وبعد قرائتنا لقصة (صورة رجل يتأكل) نلاحظ بأن فكرة هذا النص قد جائتنا ضمن انتخابية وتراشيح (نصوص المتاهة) او (نصوص القلق الجودي) حيث تتجذر من خلالها اسئلة الهوية واسئلة الذات وهي تلتقط بقايا اثار تاكلاتها الزمنية والمرحلية نقول بان هذا النص ,هو بمثابة (نص قلق ) ماخوذا بشهوة الكلام المتساقط شفاهيا عبرانفلاتات اسار وقيود(لغة المحكي) وتراجيديا حياة تنتعش في اعماق نفس القاص نفسه ,اما من جهة ثانيه فيبقى استحضار الزمن الماضي ضمن مكرسات جدلية لسان الحاضر,كما لو ان الكتابة القصصية هنا عبارة عن (ذاكرة للنسيان) اوبعبارة ادق ,جرح ينطبع في الحنايا ليوقد شعلة الوجدان,ان عوالم قصة الاستاذ الفاضل حسب الله يحيى تبقى ضمن اندراجات شجرة المتخيل الذاكراتي ,وقد تبدو لنا سؤالا لا نملك في حدود مقتضياته العمرية جوابا ما,غيراننا نبقى منشغلبن بلحظات القراءة والتقصي والتنقيب لعلنا بذلك الاهتداء لما يريده النص اوالقاص اوالقارئ0 وبهذه المقدمة لعلنا قد نحاول استفاضة ماقد نحمله من انطباعية القراءة الاولى لقصة (صورة رجل يتاكل) حيث اننا مازلنا نعاين دقائق معايناتنا الاولية شرط ان لا نكون قد اخللنا (بمتعة الروي) قلنا- بادئ ذي بدء بان قصة (صورة رجل يتاكل) نصا يعتمد في معلوميته الكتابيه (شجرة المتخيل المعيش) وذلك يعود بسبب من ان هذا النوع من النصوص يستند في معماريته التشكيلية على قيمة الاستعاري المضمر عبر مجموعة من العلامات الاستنطاقية المستوعبه,والنص هذا من حيث انشغاله بمادة(الحكائية الذاكراتيه) والخطابية الاستباقية, يقوم بتعليل وحدة الربط المطرد التي تتكفل بحيازتها للنهوض بمسؤلية حساسة ومعقدة حيال استرجاعية وقائعية لبنية سرد الاحداث [ادركت ان الفهم مقترن بالكبار/ ترى هل بمقدوري ايقاف شيخوختي وانكساروذوبان روحي /بابا00هؤلاءالاغنياء لماذا لايشيخون ويمرضون ويموتون /هؤلاء الذين يبهرك منظرهم /يسرقون خبزنا ويجففون انهارنا /كان الامر يحزنني 00والحزن فقدان ماتريد وغياب من تحب/كان النسيان ياخذ شيئا مني 00والصراحة تاخذ قسطا اخر/وحتى اعيش كما يعيش سواي 00لاان امسك العصا من الوسط 00] وداخل هذا المساق يمكن استيعاب النص كتنغيم صاخب يهجس بالادانة القوية لملفوظات الزمن الشاق والى اعباء ومعاصي الطفولة ثم الى موت وانحدار مجاني :[ الأسئلة بحث عن مجهول / امي كانت شقية تعاني من اب حكيم / انا بين المثول امام نفسي

وبين قناعات ابي / ياولد 00انت ستشقى وكلما تعلمت اكثر ازداد شقاؤك / ينبغي ان لاتموت فالموت يليق بالرماد لماذا يتأنق ابي / امي مقصرة في كلامها / تقرا الحكمة في الوجوه والحكايات / انا سحابة مر بها الزمن 00] هكذا يوجد العنف الذاكراتي ,كعنصر مهيمن ,او كمقولة برؤية تخترق مسام جسد الحاضر النص على مستوى المداليل وكذا على مستوى البنية والتشكيل0قد تحيل عتبات نص (صورة رجل يتآكل) على جملة من الوحدات الايقونية واللغوية المشكلة لتداولية الخطاب القصصي والمحاورة لأفق انتظار-السارد- وليس القارئ – في سياق من تصيده واثارة اشتهائه السردي ,ومن ثم فان ترابطات النص الثانوي مع خصيصات النص المركزي تتشكل عبر جملة مكونات لغوية تندرج ضمن المتعاليات السردية ,وتعمل على مضاعفة الخطاب وترجمته ضمن أساسيات تحولات العنوان المركزي إلى ثريا معلقة في سقف تداولية النص. ان ثيمة العنوان القصصي لدى القاص هنا قد تحول بهذا الفهم الى مثابة الشاهدعلى انسجامية عناصر المتداول الوحدوي , استقلالا منه على تحقيق اشتغالاته الدلالية على عدة وظائف لتشمل منها ,الوظيفة المرجعية المركزة على الموضوع [لم اكن اريد ان اعلق امراضي وبطالتي ومجهولية مستقبلي على مستقبل ابنائي 00] والوظيفة الافهامية المستهدفة للمتلقي ,[عند اراء ابي اتوقف 00انقل له رايي وانا اضعه على لسان حكيم .] ان العنوان هنا لربما هو ميسم النص ليصنع فرادته وسيولته داخل حاضنة الاستهلاك الذاكراتي 0لكن امام هذا ألا بد من التساؤل ,من يضع العنوان ؟ اهو السارد ام القاص نفسه؟ وبأي مؤلف يتعلق الامر هنا ؟ بالضمني ام الملموس ؟ وبالتالي متى يتم وضعه, اعند مواجهة بياض الذاكراتية ام بعد الانتهاء من عملية احزان تنقيب الذاكرة وقساوة الاب؟ وبعد هذا هل يصح الحديث عنه كنص مستقل؟ ام انه كائن ذاكراتي معيش يتغذى من ثراء لغة وثقافة القاص؟ ام ان كل هذا مصحوب بمعايشات جملة مركزية النص نفسه؟ لعلنا قد نعزف عن الاجابة عن كل هذه الاسئلة, ولنختبر على ضوئها عنوان النص على مستوى بنية الدال : أي كنسق ذاكراتي ولغوي مسيج وغير محجوز بالرغبة الذاتية ,هكذاسوف يحيلنا الوصف النصي اللساني لمتوالية(صورة رجل يتاكل) على البنية التالية:

[ اسم معرف + اسم غيرمعرف = صورة رجل يتاكل + اسم نكرة = اسم معرفة00] فالجملة اذن هنا معرفية واسمية ووصفية ,خضعت لاختيارية عملية انتقاء ذائقية ,حيث ان اختيار(رجل يتاكل) بدل (رجل يموت) او بدل (بقايا رجل) وعلى هذاالسياق التشخيصي يمكن لنا ملاحقة القول , بان جميع مكونات هذا النص قد حلت على اساس ضمني غير مسند ,اذ ان مبدأ الاسناد هنا,قد اضحى متساويا وملائما للتحول الى بنية فضاء انزياحي متولد عن اساس المنافرة الضمنية في الدلالة المضمونية 0في سياق تصعيد هذا العنف الاستعاري لا املك في الاخير سوى القول للقاص المثقف حسب الله يحيى ,بأن الكتابة القصصية التي قد انجزتها على نموذج قصة (صورة رجل يتاكل) لربما قد لا يكتب لها النجاح والمرور الفني , لو لا تمسكها بغير اسم (حسب الله يحيى) ولو لا ايضا عدم عزوفها عن قواعد و اصول منهج(الاسترجاع والاستباق) في السرد القصصي ,ونحن بهذا نلفت انتباه القاص الى

ان (التركيب العنواني) في نصه , لربما هو لا يشكل بأكثر من قيدا استعاريا يلزمه قصديا تبئير لمتواليات الشد الحبكوي والتمهيد له لكي يكون بهذا ممكنا للنص دلاليا من مقاربة موضوعية واقع افق الاستنطاق المتخيل للواقع المذكراتي الذي جعل مسار الحكي يتأسس على (استحضار الذاكراتية وخرق انتقائية العنونة) .

أحالات

حسب الله يحيى / صورة رجل يتآكل / صحيفة الاديب / العدد 83/ 3 من آب/2005

أحدث المقالات

أحدث المقالات