حين خرجت من الرحم في حوالي الساعة الثالثة صباحا ارتبت في العيون التي تراقبني مفزوعة ، ظننت انني قد اتيت مبكرا فقد كان ممن الممكن ان آتي الساعة الرابعة صباحا وعلى كل حال فقد اتيت . تجولت بعيني على العيون والاغطية والفراش والجدران وراودني شعور غامض باني يجب ان اعرف كل شيء ومع اني كنت عاجزا الا اني شعرت بالاشمئزاز والقرف ولانه يجب السير مع هذا الشعور لذا وقعت على وثيقة تقول انني جئت قبل الوقت المحدد.
كنت اكبر بسرعة ومع تقادم الوقت بما يكفي واكثر مما ينبغي لكن فضول اهل الدينة واستهتارهم بمعجزات الله جعل من اعينهم جاحظة ومن شفاههم مختلجة ومن رؤسهم كبيرة ومن كلامهم حجما اكبر من المدينة ذاتها ، اذ انهم نسو كل شيء فالرجل نسى زوجته والولد نسى امه والاب نسي ابنائه والام نسيت ابنائها والحيوانات نسيت انها حيوانات والنباتات نسيت انها نباتات .
مشهد النسيان المتكرر جعلهم يثرثرون في كل شيء وعن كل شيء ، هروب صدام حسين وتبخر الدولة العراقية ومجلس الحكم الانتقالي ومرض السارس والجدار الامني الاسرائيلي ومشاكلهم الزوجية وفائدة مص الثدي وعبقرية اينشتاين والقنابل النووية والاسلحة المتطورة وكيفيات ممارسة الجنس وجمال الطبيعة في تونس والطرق الصوفية والحمى والعشق والحرية .. انهم يثرثرون في كل شيء وعن كل شيء وكانهم خرجو من السبات ، سبات عميق نسو فيه كل شيء حتى ان احدى النساء تفاجات كما يبدو بانها تلبس حمالة الصدر التي شدتها بقوة فقطعتها ورمت بها على الارض ثم مزقت لباسها الداخلي ورمته هو الاخر على الارض وهي تقول بانفعال وغضب : ماهذه الخزعبلات !!.
ارى انها اخطاء صغيرة فموضوع النسيان خطا فسيولوجي ، كلا اعتقد انه خطا حسابي ، اقصد انهم وضعوا في حساباتهم ان لايخطئوا ولكن الامر اكبر من الحسابات طبعا .. انها اخطاء صغيرة تبرر طبعا خروجي قبل ساعة بالضبط من الرحم فانا لست ارهابيا ولست مدرجا على قائمة المطلوبين للولايات المتحدة الامريكية ولايمكن تصديق الشائعات التي تقول بان مجيئي سيجعل الحياة اليمة وتعيسة ولايمكن النظر الى الرحم بانه انهيار للمنظومة القيمية ، مثلما قلت انها اخطاء صغيرة !!.