بعد انتصار الثورة وسقوط شرطي المنطقة الشاه الكبير ، تسابقت ايران مع الزمن من اجل احداث نقلة نوعية في العامل السياسي والاقتصادي والعسكري فاستثمرت سقوط الاتحاد السوفيتي لتبدأ برحلة تطويرية على كافة الاصعدة بدء بالمصانع الاستراتيجية والعسكرية وانتهاءً بالمفاعلات النووية .
القوى الغربية وفي مقدمتهم أميركا ومن دخل في رعايتها من دولة المنطقة العربية يبدو انهم لم يرق لهم هذا التقدم التكنولوجي فبدوا بافتعال الحرب بين العراق وإيران والتي راح ضحيتها اكثر من مليون شخص من الجانبين ، وبقيت حالة العداء واضحة في المشهد السياسي العربي ، وذلك من خلال القمم العربية البائسة والتي كانت اغلبها مكتوب مسبقاً ووفق اجندات غربية ، ليلقي الحكام خطاباتهم الجوفاء ، ولتنتهي هذه القمم كما بدأت بلا شي في دعم النظام البعثي الصدامي .
كانت هذا العداء لإيران ينطلق من دوافع طائفية بحتة كون غالبية شعبها هم من الشيعة الأثنى عشرية ، وهذا ما يثير حفيظة دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والتي أعلنت عدائها لإيران منذ سقوط حليفها السابق الشاه ، وتحاول بشتى الوسائل من اجل اثارة المجتمع العربي والدولي ضد ايران .
منذ اثنى عشر عاماً والملف النووي الإيراني يراوح مكانه دون وجود اي ارادة من اجل حلحلة المواقف الغربية تجاه برنامج ايران النووي او الوصول الى حل توافقي بين الطرفين ، وما ان وصل الطرفين الى الاتفاق النهائي والذي وصف بالتاريخي حيث اول من وصفه هو الرئيس الامريكي اوباما ، والذي أشار ان ما حصل يعد اتفاقاً تاريخياً بكل المقاييس وسيكون مفتاح الحل للكثير من المشاكل في المنطقة ، وبالتالي الى حلحلة الكثير من الملفات العالقة بين الطرفين ، وسار خلفه كل الأصوات التي لها النية والرغبة في ان تسود المنطقة الامن والاستقرار والهدوء ، وفي مقابل ذلك وُصف هذا الاتفاق من دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والدول الرافضة لهذا الإتفاق والاطراف التي تعتاش على هذه الخلاف ،بل اكثر من ذلك هناك من يعتقد ان ايران لم تحقق شيئا من هذا الإتفاق بانه هزيمة كبرى للدبلوماسية الإيرانية وسمي أيضاً بإتفاق (الكارثة ) .
النجاح وما يسمى بالنصر المتحقق في الإتفاق النووي ليس تقنياً فحسب ، وإنما هو انتصار للارادة الإيرانية امام القوى الغربية وحلفائها في المنطقة ، كما هو اعتراف دولي بوجود ايران كقوة معترف بها في الشرق الأوسط ،ولا يمكن باي حال من الاحوال ان تتحرك الأوراق الغربية والخليجية مع وجود القوة الإيرانية في الشرق الأوسط ، وهذا ما ارعب دول الخليج وإسرائيل ، ناهيك عن رفع الحضر عن النفط الإيراني ، والذي سيدفع للاسواق النفطية اكثر من مليون ونصف برميل يومياً ، مما يعد زيادة في النفوذ الايراني في المنطقة .
الهجوم التحالف الطائفي على اليمن جاء بالاتساق مع وصول المباحثات النووية بين (5+1) الى نهايتها ، والاعلان عن التوصل الى أتفاق بين القوى الغربية وإيران ، ويرى بعض المراقبين بأن هذا الهجوم جاء بدفع من الولايات المتحدة وذلك من اجل الضغط على ايران وتحسين أجواء التفاوض بالنسبة اليها .
الخطاب الأخير للسيد الخامنئي كان واضحاً حيث الإعلان عن التغيير في الاستراتيجية الإيرانية ورفع الصوت اعلى ليكون بمستوى الحدث حيث أكد في كلمته ان الأمر لم يحسم بعد، ولم يتكون شيء ملزم بين الجانبين ،وهذا ما يؤكد ان ايران غير معولة على هذا الاتفاق ما لك يصاحبه رفعاً كلياً للحضرالمفروض عليها ، كما يعد تغيّر في الخطاب واللهجة من مرحلة الدبلوماسية الى مرحلة رفع الصوت عالياً والتهديد والوعد والوعيد ، حيث أشار إلى ادعاء تدخل إيران في اليمن قائلاً: طائراتهم المجرمة تزعزع الأمن في سماء اليمن، ويصطنعون ذرائع بلهاء ومرفوضة عند الله والشعوب والمنطق الدولي للتدخل في اليمن، لكنهم لا يعتبرون هذا تدخلاً، وفي المقابل يتهمون إيران بالتدخل.
ووصف قائد الثورة الإسلامية شعب اليمن بأنه شعب عريق وذا سوابق قديمة ولديه الإمكانية والقدرة على تعيين حكومته، ومن الضروري أن تقلع الحكومة السعودية بأسرع وقت عن هذه الجرائم المفجعة.
بهذا الخطاب اللافت استطاعت ايران بعد احداث اليمن وما تلاها من قصف بربري تقوده (مملكة الاي باد ) من تغيير الخطاب ، وهذا ما يعد مؤشرا مهما في انتقال السياسة الإيرانية من مرحلة الهدوء والدبلوماسية الى مرحلة المواجهة الباردة .
اعتقد ان مدافع أية الله الخامنئي بدأت تعمل لدك اوكار “مملكة الزهايمر” والتي بدت كسولة ومتعبة وعاجزة امام صلابة الشعب اليمني والذي يبدو بهدوءه ارعب حكام الخليج وطائراتهم التي هدفها الشعب اليمني ومؤسساته وبناه التحتية ، لان الاعتداء السعودي على اليمن كان اجراءاً تعسفياً مستعجلاً يفتح باب الصراع والتصعيد على مصراعيه ، وهو يقوض الى درجة كبيرة الجهود المبذولة من اجل احلال السلام والاستقرار في المنطقة عموماً ، لهذا يجب ايقاف الهجمات الجوية ضد الشعب اليمني الاعزل ، وأهمية الجلوس على طاولة الحوار (اليمني -اليمني ) لان الحل لا يمكن أن تصنعه الطلعات الجوية مهما تكاثرت او طال امدها .