قال ناصح : أدرك الناس اخيرا ان المعرفة البشرية لاتنموا الاّ اذا احترمت الاراء جميعا ! ( الدكتور علي الوردي ) .
حيــــــــــــــن يبق المسؤول بمنصبه لفترة مايُقارب العقد من السنين .. يكون لزاما علينا البحث عما وراء ذلك , وقراءة مابين سطور سيرته ..لان حب الرئاسة يؤدي بالمرء ان يستخدم كل الوسائل غير الشرعية للوصول للموقع الرئيس في سلطة حكومية او اجتماعية , او ربما لمواقع دينية .. فإذا تملَّك حب الرئاسة انسان فانه يستغرق فيه حتى يكون مستعدا الى ان يفعل أي شيء .. ولدرجة ان يبيع دينه وشرفه بدنيا غيره .. ويفقده خط التوازن في التفكير السليم , والتصرّف السليم .. وقد حدّثنا التاريخ عن الكثير من هذه النماذج .. حيث انقلب هؤلاء على دينهم ومبادئهم , وفعلوا الافاعيل من اجل الحصول على منصب او موقع رئاسي .. وليس بعيدا عنا أمر عمر بن سعد بن ابي وقاص .. الذي كان يٌمّنّي نفسه تملُك الري , فدفعه ذلك الى ان يكون قائدا للجيش الذي حارب الحسين سبط محمد (ص) !
حين ندرس المتبنيّات الاخلاقية والفكرية التي تحدد مسار حركة هؤلاء الساعون لبريق السلطة او المُتشبّثون بكراسيها .. نجد ان اغلبهم منافقون وصوليون , ومن اوضح مصاديق نفاقهم خيانتهم للامانة .. والامانة بمعناها الذي يفوق امانة الاموال ليتعدّى الامانة في كل المسؤوليات التي يتحملّها الانسان {{ إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا }}
فالامانة هي شرف المسؤولية , وكأّنَّ الله عزوجل – على طريق الكناية – قال لهذه الظواهر الرهيبة في الكون .. وهي السموات والارض والجبال , هل تتحملين مسؤولية ادارة النظام الذي فرضته على وجودك ؟ فقالت : يارب : تكفَّل انت بتحريك النظام في كل ماتريده لوجودنا .. لاننا لانستطيع ان نتحمّل مسؤولية كبرى ربما ننحرف عنها , فننال غضبك وسخطك .. أما الانسان فقد استعد لحمل الامانة , ولكنه ظلم نفسه , وجهل قيمة تحمَل مسؤوليتها ٍ{{ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا }} .. وعن الرسول الاكرم (ص) : ليس منّا من خان الامانة .. فالانسان الخائن يخرجه النبي عن دائرة المجتمع الاسلامي , وفي حديث آخر : ليس منّا من خان مسلما في اهله وماله .. هذه المقدمة مقاربة بسيطة لتفسيرحجم ملفات الفساد في ادارة مرافق الدولة والانتهاكات الكبيرة في المال العام منذ التغيير والى يوم الناس هذا !
فحين تحرك مجلس محافظة النجف , واصدر قراراً بتغيير رؤساء الدوائر المخضرمين .. تحركت مواكب الوساطات للمنتفعين من هؤلاء المدراء .. وانسابت العطايا والهدايا على ذوي التأثير والقرار بتغييرهم .. وتم تمييع القرار , وبقي الجميع ملتصقين بكراسي دوائرهم .. ثم دخل البعض منهم هواجس الخوف عند قيام السيد وزير الري الجديد بتغيير الكثير من ادارات الوزارة , واصاب البعض منهم الرعب حين تغيّرت وجوه من هم بمرتبة مدير عام او مستشار , لكن الغريب ان رياح تغيير السيد الوزير لم تمر بسماء محافظة النجف .. والسؤال بين يدي سيادته : او ليس لمدينة الزاهد في الامارة ( أمير المؤمنين حقا ) .. القائل : ان امرتكم هذه أهون عندي من عفطة عنز , الا ان أُقيم حقا او ادفع باطلاً .. او ليس حق علي (ع)علينا – ونحن ابناء مدينته – ان ناتي بالزاهدين بالأمرة وننحي عنها المتشبثين بها والساعين لها .. و لقد خاض حرب الجمل وصفين لاجل ذلك .. وكم بين أظهرنا من هو مسؤول وعلى مزاج ونهج معاوية في الادارة ! فالعراقيون يريدون التغيير والتخلص من الوجوه التي شاب الكثير منها تهم الفساد وسوء الادارة .. مع جل الاحترام للمدراء الزاهدين فيها !