عندما ننظر الى مجريات الأمور في العراق منذ عام 2003 أي بعد الاحتلال الأمريكي ، نجد ان البنية التحتية للدولة كانت موجودة ، وكذلك كان هناك نظام اقتصادي قد اعتاد عليه الشعب خلال فترة الحصار ، وكان هناك اكتفاء ذاتي لبعض المحاصيل الزراعية الرئيسية ، وكان هناك تخطيط لعدد الموظفين الذين يعملون في الدولة و الذين سوف يحالون على التقاعد واحتياجات دوائر الدولة للموظفين ، والكثير من القطاعات الأخرى العاملة في مجال الصناعة والصحة وغيرها.
اما اليوم وبعد 12 عام من احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحوالي التسع سنوات على تشكيل حكومة عراقية منتخبة من قبل الشعب ، نجد ان لاوجود للبنية التحتية ، ولا وجود للنظام الاقتصادي ، ولا وجود للزراعة ولا الصناعة ولا التعليم ، والاهم من ذلك كله لا يوجد تخطيط ، نجد اننا نستورد الكهرباء والمحاصيل الزراعية وبعض المنتجات النفطية ، و اكثر من 80% من الاحتياجات الأساسية للدولة والمواطن ، بل وحتى استوردنا مياه الشرب.
وقد ابتلانا الله بمن هو اسوء من الاحتلال ، تنظيم داعش الإرهابي ومن لف لفه ، مما جعلنا نستنجد بالاحتلال (لحماية العراق) من هذه التنظيمات الإرهابية ، التي استفحلت بشكل غير طبيعي وكان الضحية هو شعب العراق وامواله وخيراته ، والأسوء من هذا كله الترويج الإعلامي المجاني من خلال الدعايات الإعلانية ، لما تروجه هذه التنظيمات الإرهابية على مواقعها الالكترونية ، من قبل وسائل اعلام عراقية رسمية منها وغير رسمية ، والتي تزرع الخوف و الرعب في نفوس الشعب العراقي من هذا التنظيم من خلال عرضها لاساليب القتل والتمثيل بالجثث ، ما هكذا تورد الابل يا اعلاميين مخضرمين ويا وسائل الاعلام ويا أجهزة الرقابة الحكومية.
اما الكارثة الأكبر من ذلك والتي لا اعتقد ان هناك من يلاحظها ، وهي ان هناك تناسب عكسي بين الموازنة المالية والتطور النوعي في العمليات الإرهابية، حيث نلاحظ كلما زادت الحكومة من موازنتها السنوية ، ينهار الاقتصاد والمنظومة الأمنية بشكل ملفت للنظر ، يقابلها انتعاش التنظيمات الإرهابية (عدد وعدة) وازدياد مناطق نفوذها في العراق !! ، يضاف لذلك بأن ليس هناك رقابة لحركة الأموال بعد صرفها من قبل الحكومة ، هذا بالإضافة للدعم اللامحدود إعلاميا من قبل بعض وسائل الاعلام المتنفذة ومواقع التواصل الاجتماعي ، ويفترض ان تكون هناك أجهزة رقابية مهمتها مراقبة مثل هذه الحالات.
اذن هناك خلل كبير جدا في المنظومة الأمنية والرقابية الحكومية ويجب إصلاحها فورا ، وعلى من لا يجد في نفسه الكفاءة في ذلك ، عليه ان يستقيل من منصبه او يحال على التقاعد ، وعلى الأجهزة القضائية ان لا تبقى مكتوفة الايدي ، تنتظر من يقدم اليها طلبا يقول لها فيه ان فلان قصر في عمله او تجاوز على الدستور او القانون لكي تقوم بعملها ، يجب تفعيل عمل الادعاء العام ، اما الابواق التي تعتلي منابر الفضائيات لتبرر الكوارث التي تمر على الشعب ، بسبب سوء الإدارة والرقابة ، فعليهم الكف عن محاولاتهم لادخال الشعب مرة أخرى في اقتتال طائفي ، وتحميله أسباب فشلهم.