البداية كانت في مطار بغداد .. عندي نزولي لقاعة استلام الحقاءب كادت ان تشتعل القاعة بمشاجرة رجلين .. استنتجت حينها ان الاعصاب ثائرة لدرجة الغليان ..
ولاني كنت متحمسة لزيارة بغداد فقد كان يراودني احساس باني ساكون سعيدة جدا او تعيسة جدا نقلا عما قيل ويقال ،، لكن الذي حدث هو اني كنت خائفة جدا لا سعيدة ولا تعيسة بل الخوف افسد متعة استعادة الذكريات ومن ماذا اخاف ؟؟؟ من كل ما يخطر ببال حضراتكم .. بدا بالمفخخات وانتهاء بطلقةً ساءبة في الراس .. لم اخاف الموت خفت طريقته وخفت ان تنتهي حياتي وانا كارهة لبلدي .. خرجت للشارع بعد تردد طويل ولانني كنت اسكن حي راقي فاعتقدت انه افضل مكان لبقاء هدوءي النفسي كما هو ، لكني وجدت الباعة المتجولين سبقوني لهذا الحي واصبح كله سواقي واكياس فارغة وعلب كولا ، واوساخ و و و .. تالمت على ذكرياتي لانها بدات تتسخ بمخلفات الحاضر ،، لم اقاوم خوفي ولم استمتع الا مع الرجال والنساء المسنيين الذين اعرفهم بقوا نفس ماهم،، متفرجين،، ومُحملين بخبرة سنينهم واقفين على باب المسرح .. اما رحلة العودة .. فهي اساس قصتي لان طائرتي تقلع فجرا فكنت اجلس في صالة الدرجة الاولى متعبه ،، وفي المقاعد التي قربي يجلس رجلين ذهبت الوسامة منهم وحلت محلها القساوة فظنوا اني نائمة فاسترسلوا بالحديث بينهم ودار الحوار التالي .. الاول ؛ لقد تعبت يارجل من السفر ومن العمل اريد تغيير حياتي .. الثاني ؛ وماذا نفعل كله من اجل لقمة العيش .. ( وهو يجلس بصالة كبار الشخصيات ويلبس خاتم وزنه نصف كيلو ذهب )
فقال الاول :لكنِ تعبت من امر اخر ،، من زوجاتي الثلاث .. اثنان في بغداد طلبات ليل نهار وسفريات لدبي ولبنان لاتنتهي وتعبت من الزوجة الثالثة تسكن عمان واجباري زيارتها كل عشرة ايام وهي من هًواة اوربا ليتها تحب دبي او لبنان كان الامر اسهل ..
الثاني ؛ لا ،، انا زوجاتي طيوبات قانعات مجرد زيارة للنجف وكربلاء كل فترة يعتبروها سفرة الى باربس .. ولدي ( كتوكتة ) كل فترة اغير بها المزاج .. تخيلوا معي كيف تدار الدولة العراقية ؟؟؟
صعدنا الطائرة فجلس قربي مسؤول كان قد تاخر اخذته النومة فتاخرنا نصف ساعة عن الاقلاع ( من حقه ) ؛ وصادف ان جلس في المقعد الذي بجانبي .. فاعتذر الرجل مني كوني الوحيدة التي ابتسمت له على تاخيره .. فتجاذبنا اطراف الحديث ،، ولاني مستمعة من الدرجة الاولى تخيل المسكين ان قصته بها معاني تفيدني وسأعتبر كلماته حكم ودرر لن تتكرر ،، فقال ؛ انا رجل اعمال لي مكانتي في الدولة ؛ انا : ابتسامة وهدوء
هو ؛ انتي ذاهبة لدبي ولا ترانزيت
انا ؛ دبي
هو ؛ انا ايضاً واسكن في منطقة النخلة ( ولمن لا يعرف النخلة هي اغلى منطقة في دبي )
عندي فيلا صغيرة ٦ غرف نوم على البحر لان بنتي تدرس في ايطاليا،، ابني اه متعبني هذا الولد بين شراء السيارت وتبديل المبايلات والمقاهي والمسابح اصبح مهمل جدا
انا : الله يكون بعونك ،، بس ليش ما يكونون معك في العراق ؟
فضحك ضحكة كادت ان تسقط بنا الطاءرة لان كرشه اخذ ربع مقعدي اضافة لمقعده ،، وقال
انتي الظاهر لا تعرفين ان العراق للعمل فقط وليس للسكن ..
فابتسمت وقلت في سري قصدك للسرقة فقط .