18 نوفمبر، 2024 12:30 ص
Search
Close this search box.

اتركوا لنا الانبار .. نعيش فيها بسلام ؟!

اتركوا لنا الانبار .. نعيش فيها بسلام ؟!

يكاد الداخل الى مدن ( الانبار ) يشعر بالرعب التام ويكون دخوله أشبه بالدخول الى مدن تحاصرها جيوش ( الغزاة ) ومساعديهم من كل الجهات .. مدن المساجد والجوامع الدينية تحول رخام جوامعها الى اناشيد حزينة وشوارعها تستصرخ ضميرا وقلوبا توشحت بها ارصفتها المتكسرة  انظر .. ها هم اهلها تعاد اليهم المعارك من جديد، بعد أن وضعت الحرب اوزارها في هذه المدن الباسلة المجاهدة .. أعود من جديد الى مدن  الجمال ( الانبار )  الحبيبة وأعلن في هذه اللحظات وقريبا من أفق يحمل الينا فرات العراق وشمس أمنياتنا بعيدا عن حزن مدفون مقتبس من صحراء الانبار وانين السدود ومنارات الدعاء المخضب بصلواتنا ، دعاء متبسم بعشق العراق .. واهل العراق اعذروني فانا مغرم بالذين وهبوا قلوبهم حبا وزرعوا انفسهم حصادا للطيبين من اجل هذا البلد. ايها الوطن الكبير الجميل العزيز اقترب مني فانا محتاج اليك جدا في هذه الايام .. دثرني يا نخل العراق احملني الى ضفاف دجلة الخالد ثم الى الفرات الى القائم والى حديثة .. اوصل بي الرمادي الغالية وارجع بي الى هيت والفلوجة والرطبة والبغدادي وراوه وعانه والخالدية والحبانية وكبيسة والكرمة
  ، هل أبدو بعيداً عنها .. أم قريبا من ساحل فارغ يقع على شاطيء الفرات العجيب .. انها ساعات النهار الاخيرة .. تودع الشمس ابناء مدن  السلام
( الانبار ) يوما آخر اسمه يسبح به الناس لله العلي القدير يبدأ بعبير وتلاوات المسبحين نحو جهة الغروب فإذا بجموع الناس ترفع الاذرع الي الباري عز وجل وتنقل رائحة السلام والامان الى ابناء هذه المدن ..  حيث بدأت مئات المآذن تدعو الناس الى صلاة المغرب ..  سرت في شارع طويل بعد الصلاة يكاد يفرغ تماماً من الناس بينما كانت الاعداد من السيارات المسرعة تذهب الى حيث لا ادري .. واهل ( الانبار )  يتمسكون بالتقاليد العربية والاسلامية والديانات الاخرى التي ورثوها من آبائهم واجدادهم لكنهم يتآلفون مع الغرباء حتى ينصهر الغرباء بينهم .. لكن مع الاسف لا ادري ما حل بهذه المدن التي لها حضارة انتشرت شواخصها في كل بقاع العالم  تحكي قصة شعب عريق مبدع متسلح بالعلم ، كان ولا يزال يثير في النفس اعتزازا ومباهاة واعتلاء لناصية الفخر عبر ما تحقق لها ضمن مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء ، وها هي المدن التي خطفها الأعداء .. بعد شهر نيسان عام ( 2003) من الفاسدين والطامعين الذين يعتقدون ان هذه المدن مزرعة مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها من قوات الاحتلال والعفاريت الجديدة التي خرجت للتو من القمقم لهذه الأرض رافعين شعارا لابناء هذه المدن يجب ان تغادروها ولكنهم نسوا أن في الانبار الجريحة عباقرة كثر وشجعان كثر وحكماء كثر لكن الوقت غير متاح للمبارزات بين أولئك العباقرة والشجعان والحكماء بل هو وقت ايجاد المخارج للناس قبل أن تحترق هذه المدن .. والسؤال هنا يطرح نفسه أمام الحكومة العراقية وأعضاء مجلس النواب كافة : ماذا فعلتم لهذه المدن التي ظلت شوارعها مقفرة .. ابنية تهاوت وتهدمت ، ازقة لونتها الشـــعارات الطائفية ..  ومآذن ومساجد اتعبها الرصاص .

أحدث المقالات