عندما يكون الإنسان قادراً على أن يعيش برؤية، (كان والآن وهنا وغداً، وإذا عزمنا توكلنا) فهذا معناه إصراره على العطاء مهما ضاقت حدود عالمه، فالحياة مليئة بالمبدعين والأحرار، الذين تجمعهم فلسفة الوجود والصمود، وهم يعيشون في واد واحد، فتراهم نابضين بالقيم والتحدي، أما الحكومة فهي الأخرى تعيش في واد آخر، وهي حافلة بالمهاترات والمناكفات، والتكتلات، والمساومات، ومن الطبيعي لا يليق لشجرة كبيرة أن تخنق الأزهار، التي تنمو بجوارها في الأسفل.
الساسة الأثرياء يمتلكون كل شيء، ومع ذلك فهم يحتاجون الناس التي تحصل على القليل، وحياتهم معرضة دائماً للخطر، وسط معاناة قاسية من أجلهم، ولكن الفاسد المتنفذ في المناصب الرنانة يخاطب الشعب، بما قاله الروائي البريطاني جاكو بسون: (من الأفضل ألا يقدم الإنسان على فعل شيء، وأن يبتعد عن المشكلات، وينتظر حتى يموت) هذا الصنف ما تقوم بإنتاجه أمريكا، وتوزيعه على المغلوب أمرهم، فأية حرية ستنبض، وأي فجر سيبزغ، وأي سياسي سينقلع!!.
الذي لا ريب فيه أن الأحداث الجارية في اليمن، جعلت الحكام العرب المأجورون لأمريكا والصهيونية صعاليك، يشعرون بالتهديد والخوف تحت حجة التمدد الإيراني الكبير، تزامناً مع الإنتصار النووي والإتفاق مع الغرب، وظهورها كمحور للقوة والتوازن في المعادلة العالمية الجديدة، فالأولى لهؤلاء البغاة المرتزقة أن يتوحدوا مع الجارة إيران لا مع أعدائها، وبدء صفحة مغايرة للصراعات والخلافات السابقة، دون ضرب اليمن بدعوى إعادة الشرعية المزيفة، التي إنحرفت لتنفيذ أجندات الإرهاب والتطرف والتكفير.
طواغيت العرب ممن تجمعهم الجامعة العربية أكثر من أن نسميهم، لا يريدون حرية للشعوب، فهم ماضون في قمع الرموز الدينية والسياسية من دعاة التغيير، ولا يؤمنون بالشباب لأنهم مشاريع لصناعة المستقبل، الذي لا يرغبون برؤيته من دون أسمائهم الزائفة، فكل حلقة تأخذ عن سابقتها، وتسلم حقدها الى لاحقتها، لذا فالعرب باتوا أدوات للمغامرة واللهو، فترى أذرعهم الخبيثة تمتد بأقوى الشرور فظاعة، لمشاهد الموت الدائرة في سوريا والعراق، واليمن وليبيا وغيرهم.
الملوك والحكام العرب أصبحوا أكثر غباءً من أسيادهم اليهود، لأنهم لم يهتموا لأمر شعوبهم، وأخذوا يحرصون على وجود جيش أعمى لا يدرك شرف الجندية المقدس، وأمسى واجبه الوطني والقومي، الحفاظ على عروش الجبابرة والمتسلطين، ممن ينفذون مخططات الأجرام، وإشاعة التفرقة الطائفية بين أبناء الأمة الواحدة، وقصف أشقائه وتصدير تجارة الموت بالجهاد والدين المزيف، من أجل أن يدوم سلطانهم الملعون، ثم خرجنا بالحقيقة وقلنا: (ربنا لا تؤاخذانا بما فعل السفهاء منا).