علينا ان نعترف ان احد أهم اسباب فشل الحكومات المركزية في توفير الخدمات الاساسية للمواطن العراقي هو المركزية, واعني بالمركزية ان اغلب المشاريع الخدمية هي مشاريع وطنية اي ان خدمة اساسية تختزل بمشروع واحد كبير يشمل كل محافظات ومدن العراق وعندما يحصل عطل او خلل في هذا المشروع تتوقف الخدمة في عموم العراق.
الكهرباء احد افضل الامثلة على ذلك, حاولت بعض المحافظات العراقية شراء مولدات او البحث عن حلول بديلة لتوفير الكهرباء لمواطنيها لكن اغلب جهود الحكومات المحلية لتوفير الكهرباء باءت بالفشل بسبب العوائق التي تضعها وزارة الكهرباء على جهودها.
بالتأكيد لن تقبل الكتلة التي تستحوذ على وزارة الكهرباء بهكذا طرح لان الاعتراف بحرية واستقلالية المدن في اقامة مشاريع توفر الطاقة الكهربائية محليا يفرض عليها توزيع مواردها على المحافظات والمدن وتاليا يحرمها من “كومسيونات” العقود الكبيرة التي قاتلت من أجل احتكارها اثناء مفاوضات تشكيل الحكومة.
كلما نجحت محافظة في بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من ميزانيتها الخاصة تشترط وزراة الكهرباء ربط المحطة الجديدة بالكهرباء الوطنية ويتم التوزيع حسب سياسات الوزارة وتدعي الوزارة النجاح بتوفير الكهرباء في تلك المحافظة, أو قد ترسل الطاقة الى بغداد او محافظة اخرى حسب الاحتياج أو تمتنع وزارة النفط عن تزويد المحطة الجديدة بالوقود لعدم موافقة وزارة الكهرباء على ذلك.
مركزية الخدمات سهلت مهمة الارهابيين بمهاجمة البنية التحتية الخدمية وتاليا احراج الحكومات العراقية, فعندما يهاجم الارهابيون محطة توليد طاقة رئيسية تنقطع الكهرباء في عموم العراق, وماكان هذا سيحصل لو كانت كهرباء كل محافظة او مدينة عراقية منفصلة او قائمة بذاتها.
اضف الى ان لامركزية الخدمات العامة هي سياسة ضرورية لدعم النظام السياسي الفيدرالي لان اعتماد المدينة او المحافظة على الخدمات الوطنية يضعف استقلالها الأدراي والسياسي وتاليا يجعل مسؤوليها وقادتها عرضة للابتزاز والتهديد من قبل الحكومة المركزية.