مرة خرى تسند “مؤسسة الفكر والثقافة والإعلام” جائزة الابداع في الكتابة الفلسفية الى التونسي زهير الخويلدي ومرة أخرى يثبت هذا المفكر جديته في رسم أفق فلسفي خاص به من خلال إقتطاع مأوى له في بيت الفكر الفلسفي الإنساني و يثبت جدارته بالتكريم الرمزي والتتويج الثقافي وذلك لما أظهره من جرأة وشجاعة نظرية وإستمرارية على مجابهة مصاعب البحث الفلسفي مسافرا بعقله المترحل شغفا بالمعرفة و البحث عن الحقيقة في متون فلسفية متنوعة مسقطا الحدود المصطنعة بين مختلف الثقافات الإنسانية الكونية متوغلا في الزمن البعيد مقبلا على الحاضر ومستشرفا المستقبل بعزيمة عقلانية صبورة لا توقفها سيول اللاّعقلانية التي باتت تجتاح الواقع العربي ومحبطا كل نزعات التشاؤم التي تنادي بانتهاء العقل العربي وعدم قدرته على الإبداع و التجديد واللحاق بالعقل التنويري الإنساني.
وما إشتغاله على تشريح العقل الغربي إلا تحديا منه للفجوة الحضارية بين الشرق والغرب وتأصيل تنظيري لندية فلسفية وحضارية ودعوة صريحة لكل مفكر عربي أن يستأنف معه القول الفلسفي من أجل بناء تقليد فلسفي عقلاني حقيقي يليق بحضارة إقرأ . لقد حاول الكاتب الفلسفي أن يكون نصه البلوري الشفاف مرآة عاكسة للتحولات العنيفة التي تعصف بالواقع الاجتماعي الذي ينتمي اليه ويؤثث مواقفه الاستراتيجية ونظرته الاستشرافية وأفعال مقاومة ويزرع التفاؤل والأمل والتصالح في أروقة الفكر.
لذلك تميزت الكتابة عند هذا الفيلسوف بخاصية الالتزام والتطبيق واقتران الحرية بالإبداع والدفاع على التفكير الفلسفي في زمن تفشي الارهاب وسيطرة الجهل المقدس وانتشار التجارة بالثقافة والمقاولات الفنية وتعليب المعرفة وقولبة الذوق. لقد آمن بدور للفلسفة في الوضع الراهن في عصر نهاية الكتاب وانتصار الميديا وصنمية الصورة في مجتمع الفرجة وجعل من الكتابة الشذرية والمنهج التأولي النقدي سلاحه ضد ضبابية المفاهيم وأزمة الترجمة واختلاط المرجعيات والأنساق وحاول معية بعض الكتاب المختلفين ايقاف نزيف التصحر الثقافي والجدب الفكري وجفاف الينابيع الروحية.