لم تكن هذه المرة الأولى التي تحدث عمليات السلب والنهب لمدن العراقية والكل يتذكر ما حصل في عام 2003 بعد الأحتلال الأمريكي للعراق والبعض يحاول أن يربط هذا الأمر بالطائفية في مدينة تكريت وهذا قد يكون صحيح كون أن الميليشيات التي نهب وسلبت مدينة تكريت هي شيعية .ولكن عموماً أنا لا أؤيد هذه النظرية فقبل أشهر كان هنالك عمليات سلب ونهب لمبنى بلدية النهروان وهي مدينة شيعية ومن قام بسلب والنهب هم من سكانها الشيعة وايظا الميليشيات الشيعية التي حاولت سرقة السيارة الحديثة من مواطن شيعي في قضاء بلد ذات الأغلبية الشيعية لولا تدخل الشرطة . وكذلك ما حصل بعد سقوط بغداد فكل مدينة سرقت ونهبت دوائرها الحكومية كان من قبل سكانها سواء كانت شيعية أو سنية والتاريخ العراقي حافل بالسلب والنهب فما حصل مع يهود العراق من سلب ونهب لممتلكتهم ومنازلهم بعد أن جارت الدولة العراقية عليهم مازال مطبوع في ذاكرة أباءنا وأجدادنا .
والبعض الأخر حاول أتهام تنظيم داعش الإرهابي وبرغم من وحشية وقساوة وعدوانية وبربرية هذا التنظيم ولكن من الوضح أن هذه المحال والبيوت كانت موجودة ومقفلة عندما كان تنظيم داعش الارهابي يسيطر على المدينة ولم يكسر أو ينهب المحال والبيوت أو حتى أن يحرقها قبل أنسحابه .
قديماً كان الأنسان يخشى السرقة أو القيام بفعل سيء خوفاً من نظرات الناس والأحتقار الذي قد يلاحقه منهم طوال عمره .أما الان فهو يقوم بذلك بسم الدين وتحت شعار زرعه رجال الدين في عقل الأنسان وهو ( أن الله غفور رحيم ) وما حصل هو أن رجال الدين قتلوا الضمير والأنسانية في داخل الانسان ووضعوا مكانه شرائعهم وأحكامهم التي معظمها باطلة ولاتنتمي الى حقيقة الدين وتدعوا الى قتل وظلم الأخر .وبالتالي أضاع الأنسان دينه وضميره وأنسانيته وعاداته وتقاليده وحتى أحترامه لنفسه .
غياب العقاب هو من جعل هذه الثقافة تستوطن داخل عقل الأنسان العراقي فالدولة العراقية لم تعاقب من سرق ممتلكات اليهود بعد ترحيلهم والدولة العراقية لم تعاقب من سرق ونهب ممتلكات الكويت بعد غزوه والدولة العراقية لم تحاسب بعد عودتها من سرق ونهب الممتلكات بعد سقوط بغداد بل تركت الأمر لرجال الدين وهم دعوا الى أعادة الممتلكات الى الجوامع والحسينيات وأستعملوا هذه الممتلكات المسروقة لتأثيث الجوامع والحسينيات وحتى أن بعض الحسينيات هي عبارة عن ممتلكات الدولة المتمثلة في أبنية ودوائر الدولة مثل مباني الفرق الحزبية وغيرها من المباني التابعة للنظام السابق .والدولة العراقية رغم توعد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بالمحاسبة لمن قام بهذه الأعمال لكننا لم نرى شخص واحد يحاسب وأتحدى الحكومة العراقية أن تعرض صور أشخاص قاموا بهذه الاعمال على القنوات الفضائية كما تفعل من الارهابيين مع العلم أن وجوه الأشخاص الذين قاموا بالنهب والسلب واضحة من خلال الصور والفيديوهات التي تتناقها وسائل الأعلام أو مواقع التواصل الأجتماعي. وبالتالي حصل شرعنة على مدى عقود للسرقة والنهب والسلب لدى الانسان العراقي تحتاج الى تفعيل حقيقي للقانون وأن يحل محل الفتاوي الدينية التي لم يعد أحد يلتزم بها .