19 ديسمبر، 2024 1:24 ص

قراءة حداثوية … لدور الخليفة أبو بكر في ” حروب الردة “

قراءة حداثوية … لدور الخليفة أبو بكر في ” حروب الردة “

أستهلال :

* بعد وفاة الرسول يوم الإثنين12 ربيع الأوَّل11 هـ ، المُوافق فيه7 حُزيران يونيو632 م ، بُويع أبو بكر الصدِّيق بالخِلافة في بيعة دعيت ببيعة ( سقيفة بني ساعدة ) ليتولّى شؤون سلطة المُجتمع الإسلامي الجديد / كنظام حكم ، الذي سعى الرسول محمد في تأسيسه خِلال حياته .. وكانت خِلافة أبو بكر قصيرة ، حيث أنها لم تزد عن سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيَّام ، / نقل بتصرف من موقع الجامعة الأسلامية بالمدينة المنورة ، أما أهم ما ميزت خلافته بالرغم من قصرها هو سحقه للمرتدين في ” حروب الردة ” .

* حروب الردة موضوع قديم ، قدم الرسالة المحمدية ، سأطرح أولا ما هو متداول ومتناول في اليد عن الموضوع ، وهو مطروح في المراجع ومتوفر في الكتب التي تناولت سيرة الخليفة الراشد الأول ، ومسرد أيضا في مواقع المكتبة الألكترونية ، ملقيا الضوء على أسباب الردة وعلى كيفية معالجتها .

* في ختام المقال ، سأبدي رؤيتي الخاصة لحروب الردة ، بقراءة مستحدثة مع ومضة الختام ، أملا بهذا القراءة أن تكون أضافة متواضعة لأكبر و أعظم حدث أسلامي تأريخي حربي بعد وفاة الرسول محمد .

الردة كتعريف :

أول الأمر لنتناول الردة كتعريف ، فالرِّدَّةُ في اللُغة تُفيدُ عدَّة معانٍ ، منها: الرُجُوعُ والعَطْفَة ، يُقال : ردَّ الشَّيءَ ، أي أرجعه وأعاده ، ومن ذلك ما ورد في القُرآن : ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ) ، ومن معناه أيضًا أن غيَّر الشيء وحوَّله من صفةٍ إلى أُخرى ، ومن أمثلة ذلك : ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا ﴾ ، / نقل بتصرف عن الويكيبيديا ، والذي نهتم به في هذا المنحى هوُ الرِّدَّة عن الإسلام ، أي الرُجوع عنه ، وفي الأصطلاح الشرعي فإنَّ الرِّدَّةُ هي الرُجوعُ إِلى الكُفر بعد الإِسلام ، بقوله تعالى في سورة المائدة ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) .

حروب الردة :

أن حروب الردة التي خاضها الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق هي ” عدة حروب ومعارك خاضها الصحابة والمسلمون الاوائل ضد أول ثورة على الحكم الإسلامي كدولة في عهد الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وحدثت بين أعوام الحادي عشر للهجرة والثالث عشرة للهجرة ، حيث وجد من يؤمن بالإسلام ظاهرياً ان الفرصة متاحة للارتداد عن دين الإسلام وعودتهم لما كانو عليه ” ( نقل بتصرف مع أضافات من موقع / أقرأ عربي عن مقال – حروب الردة ) .

النص :

بوفاة الرسول ، أنتهت الرسالة المحمدية كدين وعقيدة / كان المراد منها توحيد العرب بنشر الدين وبسطه على أرجاء الجزيرة مع أهداف توسعية ، وبدأ عهد الأسلام كدولة وسلطة ونظام حكام ، ويقول الشاعر و المفكر العربي الكبير” أدونيس ” بهذا الشأن من خلال مقابلة جريئة أجرتها معه محطة BBC بعد حادثة جريدة ” شارلي ابدو ” / باريس في7 يناير2015 ، حيث قال أدونيس أن (( الأسلام كرسالة أنتهى مع موت النبي محمد ، اليوم الأسلام يتصارع كأيدولوجية ، وأنه لم يعد رسالة ، والأن هو مجرد وسيلة للسلطة و الحكم ، حيث أنه مع الخلافة الأولى / لأبو بكر الصديق ، تحول الأسلام من رسالة الى سلاح من أجل السلطة و الحكم .. )) ، بعد موت النبي حدثت فجوة عقائدية وقبلية وسلطوية في المجتمع الأسلامي ، أدت الى رفع الغطاء عن القبائل أو المجموعات أو الأفراد الذين كان أسلامهم ليس حقيقيا و الذي كان وضعهم العقائدي ظاهريا وأنتمائهم زيفا … وفيما يلي ، الوضع و الحال بعد موت النبي وأستخلاف أبويكر الصديق كأول خليفة للمسلمين :

1. كان الأكثريَّة المُطلقة للعرب آنذاك يوصفوا ، بالضُعف والتخاذُل والكُفر والنِفاق ، ومنها ما ورد بحقهم ما قاله الله تعالى في سورة التوبة ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، وأيضا

ما ورد في سورة الحُجرات ﴿ قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، ويُلاحظ أنَّ الآية الأخيرة نزلت في وقتٍ أخذت الكثير من القبائل تُسارع عبر وُفودها للدُخول في الإسلام ، وكان الرسول قد شعر بما تنعم بهِ هذه القبائل من حُريَّة العيش ، فتركها تعيشُ حياتها الخاصَّة مع الإلتزام بتعاليم الإسلام ، كان هدف الرسول أنذاك ، توحيد القبائل في شبه الجزيرة العربيَّة في دولةٍ واحدةٍ تحت قيادته وأن يكون مركزها المدينة المُنوَّرة ، لكنَّ هذه الوحدة كانت مُفككة ، فالاضطراب الذي لازم مواقف القبائل العربيَّة ، التي لم يترسَّخ الإسلام في قُلوبها نظرًا لِحداثته ؛ وحَّد التيَّارات المُختلفة في المدينة المُنوَّرة ، فالتفَّ الجميعُ حول الخليفة ، أمَّا خارج نطاق المدينة ، وفي أرجاءٍ واسعةٍ من شبه الجزيرة العربيَّة ، فلم يكن يوجد سوى أشكالٍ من التحالف السياسي مع المدينة ، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الدُخول في الإسلام كان قرارًا سياسيًّا استهدفت به زعامات القبائل للمُحافظة على كيانها ، وتحاشي خطر المُسلمين عليها ، / نقل بتصرف من الويكيبيديا ، لذا فبعد النبي أرتدت القبائل التي كان أسلامها نفاقا وكذبا وزيفا. 2 . بعد موت الرسول ، بعض القبائل قالت ” لو كان نبياً ما مات ” ، وتجاهلوا قوله تعالى :- في سورة الزمر ” إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (32 ) ” والبعض الاخر أعتقد أن ” النبوة ولَّت بموت الرسول ” ، لأجله بعض القبائل أسقطت من حساباتها الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام ، لقولهم كانت الزكاة للرسول و الرسول توفى ، فلا حاجة لنا الأن أن ندفع للخليفة أبو بكر الصديق كما تبين من جانب أخر أنزعاج بعض القبائل العربية من أن السلطة المركزية في المدينة / دون غيرها ، وخاصة الرسل الدينيين الذين يُعلّمون الناس الدين على أصوله ويجمعون الزكاة منهم.. / نقل بتصرف مع اضافات الكاتب من الموقع الأتي : www.khayma.com/sohel/thawrat/thawrat01.htm .

3. كان للنظام القبلي قبل الأسلام له وضعه الأجتماعي من حيث الأعراف و التقاليد والعادات ، التي حرمت بمجئ الأسلام معظمها ، فأن (( عدم تعود القبائل للخضوع للنظام الذى اقرّه الإسلام من تحريمات مثل : تحريم الخمر ، والميسر والزنا والربا وغيرها )) كان سببا رئيسيا للأرتداد / نقل بتصرف من بوابة اليوم السابع – من مقال بعنوان أسباب حروب الردة وإصرار أبو بكر عليها !!. 4. رفض القبائل لخلافة أبي بكر الصديق لعدم أحقيته من جهة وبسبب العصبيّة القبليّة من جهة ثانية / نقل من موقع أقرأ عربي ، من مقال بعنوان – حروب الردة ، وكانت سياسة الرسول مُحمَّد / سابقا ، تتجه نحو توحيد العرب تحت راية الدين الإسلامي في مؤسسةٍ تتخطّى النظام القبلي ، واستطاع أن يؤسس الرسول ” جماعةً دينيَّةً سياسيَّةً جسَّدت كيان دولة ” ، ففي عهد النبي جمع زعامتين هي الزعامة الدينية و الزعامة السياسية ، وعندما توفى الرسول بقت الزعامة الدنية شاغرة ، وليس من فرد ان يشغلها ، وخلافة أبي بكر أستوجبت زعامة سياسية قوية دون الزعامة الدينية ، وهذا الأمر بدا غير مقبول قبليا لأنه / أي أبو بكر ، فقد الزعامة الدينية المؤثرة مجتمعيا ، التي تمتع بها الرسول محمد . 5. ظهور أشخاص ادَّعوا النبوة وأشهرهم ، مَسلَمة وقد دعاه المسلمون مُسيلمة الكذاب ، من باب التصغير والتحقير وقد تأثر بالأفكار المسيحية وقد اتبعه بنو حنيفة ، كذلك ظهرت ” سجاح التميمية ” من بني يربوع كانت تدَّعي الكهانة تحالفت مع مالك بن نويرة ثم لقيت مسيلمة وتزوجته / نقل بتصرف من موقع مجالس حرب. تصنيف أهل الردة : * وقد ذكر أهل العلم – رحمهم الله تعالى ، أن المرتدين كانوا صنفين ، يقول في ذلك الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى : ” وَأَهلُ الرِّدَّةِ بَعدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ضَرْبَانِ : 1. ” مِنهُم قَومٌ كَفرُوا بَعدَ الإِسلامِ مِثلُ طُلَيحَةَ وَمُسَيلِمَةَ وَالعَنسِيِّ وَأَصحَابِهِم ” . 2. ” وَمِنهُم قَومٌ تَمَسَّكُوا بِالإِسلَامِ ، وَمَنَعُوا الصَّدَقَاتِ ” . وهذا التقسيم ذكره الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى مع تفصيل عن أحوال كل من الطائفتين . * ومن أهل العلم من جعلهم ثلاثة أصناف ، قال ابن عبد البر: وكانت الرِّدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ : 1. قَوْمٌ كَفَرُوا وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ .

2. وَقَوْمٌ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ ، وَهُمْ أَهْلُ الْيَمَامَةِ . 3. وَطَائِفَةٌ مَنَعَتِ الزَّكَاةَ ، وَقَالَتْ : ” مَا رَجَعْنَا عَنْ دِينِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا ، وَتَأَوَّلُوا قوله تعالى : في سورة التَّوْبَةِ 103 ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ” ، وهذه الطائفة بينت أيضا أن الْمَأْمُورُ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ لَا غيره .. / نقل بتصرف مع أضافات الكاتب من موقع – ملتقى أهل الحديث .

عسكرة المسلمين ضد المرتدين :

كانت حروب الردة كما يصطلحون عليها منحصرة في جبهتين : * جبهة حضرموت ضد قبائل كندة ومآرب ، وكان أمير العسكر المرسل من قبل الخليفة لمناهضتهم هو ” عكرمة بن أبي جهل ” . * وجبهة أطراف المدينة ضد قبائل عبس وذبيان وبني كنانة وغيرها وكانت بقيادة ” خالد بن الوليد ” . وهؤلاء الرجال الذين قتلوا بسيوف المسلمين بقيادة عكرمة وخالد لم يرتدوا ولم يكونوا منكري وجوب الزكاة ، بل هم مسلمون وكانوا يقولون: ( أطعنا رسول الله ما دام بيننا فيا لعباد الله ما لأبي بكر ) وبعضهم كان يقول لممثل الخليفة : ( إنك تدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد ) ، وتارة يقولون : ( انظروا في شأن عترة النبي ) صلى الله عليه وآله ، فما كان من أمرهم وهم الأولى في تسنم خلافة الرسول فأقصيتموهم ؟ والله تعالى يقول بسورة الأنفال 75 ( وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ ( ، ولذلك لا يصح سؤالكم عن ارتداد المسلمين في عهد أبي بكر لعدم حصول مثل هذه الردة في الواقع ، ولكن رفض المسلمين تسليم ما بأيديهم من أموال الزكاة إلا إلى الخليفة الشرعي ، هذا الذي حمل أبو بكر على مقاتلتهم ، فكان السبب الحقيقي إذن هو عدم اعترافهم بشرعية الخليفة المنصب يوم سقيفة بني ساعدة ، فمحاربة أبي بكر لهم كان بافع القضاء على الحركات المناوئة لحكمه وليقطع دابر ظهور المزيد من الحركات التي لا تعترف بصحة خلافته … / نقل بتصرف مع أضافات الكاتب من موقع – مركز الأبحاث العقائدية .

القراءة المستحدثة لحروب الردة : سأدلي بدلوي فيما يخص حروب الردة الذي أسس لها وحث عليها وجييش لها الجيوش الخليفة أبو بكر الصديق ، مبينا سقوطه في هوة العصبية القبلية و الفكرية والحرب الدموية ، بعيدا عن النصوص القرانية ، تلك النصوص التي تخالف ما نهجه من رد فعل جانب فيه الحق ووقع في المحذور ، وسأورد قرأتي لحروب الردة كما أراها وكما يلي : 1. أن الأسلام مبني على ثلاث مصادر تشريعية هي ، القرأن والسنة الصحيحة و الأحاديث ، وسوف أستعرض ما ذكر أو ما ورد من أحكام بخصوص الردة بهذه المصادر : * ما جاء بالقرأن من أيات : ففي سورة البقرة ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) وفي سورة أل عمران يقول ألله تعالى (َكيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين ) وكذلك ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ) . – الأيات بينات واضحات وضوح الشمس ، بعدم وجود جزاء القتل للمرتد ، ولكن المرتد يموت كافرا في سورة البقرة خالدا في النار ، ولا توجد عقوبة أو جزاءا له في الحياة الدنيا ، ولكن الجزاء أخروي / بعد الوفاة . وفي سورة أل عمران يصفهم بالظالمين ، ولن تقبل توبتهم وهم ظالون ، وأيضا لا توجد عقوبة في الحياة الدنيا . * وفي حديث ” من بدل دينه فاقتلوه ” فأن أشهر رواية عن الحديث هي رواية / عكرمة : ( أخبرنا عمربان بن موسى قال : حدّثنا عبد الوارث قال : حدّثنا أيوب عن عكرمة قال : قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من بدَّل دينه فاقتلوه ) ، والكلام عن ( عكرمة ) صعب وشاق ويحتاج إلى صبر وتأمل كبيرين ، لما دار ويدور حوله من لغط واختلاف ، ومن العجائب أن يحتل مكانة الثقة الموثوق بها لدى الكبار من علماء الحديث وهو محل هذه الفوضى والارتباك في التقييم والتصوير والحكم ! وأن أول ما يلفت النظر في صدد هذه الشخصية المثيرة ، هو إنه ليس ثقة عند الجميع ، بل حوله خلاف كبير / نقل بتصرف من موقع أيلاف ، عن مقال ل غالب حسن الشابندر .

– وهذا الحديث هو حديث أسناده ضعيف ، وكما يوضح الكاتب أن الراوي / عكرمة ، ليس بمحل ثقة ! * ومن السنن القولية ، قال الرسول ” لا يحل دم أمرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ” ، وهنا أرتبط أمر القتل بمفارقة الجماعة ، وبقراءة أخرى ” لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال زان محصن فيرجم ورجل يقتل مسلما متعمدا ورجل يخرج عن الإسلام فيحارب الله عز وجل ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض ” ، وهنا الأمر جاء به خيارات وهي أما القتل أو الصلب أو النفي من مكان ما يعيش به المرتد ، و النفي تعتبر أضافة أختيارية للمرتد.

– في السنة النبوية أيضا هناك تماس وعدم وضوح حيث أن أمر القتل ربط بالخروج عن الجماعة هذا من جانب ومن جانب أخر ، منحت السنة طوق نجاة للمرتد ، وهو النفي من الأرض بدل القتل …

– مما سبق ما أود قوله ، أن أبوبكر أخطأ في حروب الردة ، لأن كل النصوص تحتمل أكثر من تأويل أو ضعيفة أو غير ذي ثقة من قبل الراوي ك ( عكرمة ) هذا من جانب ، ومن جانب أخر أن الأمر المهم و الأساسي و الرئيسي في التشريع ، هو كلام الله المثبت بالقرأن وليس بحديث أو سنن الرسول ، لأن الله عز وجل هو ذو المقام الأعلى و الأرفع ، وكلامه لا يمسسه شك أو خطأ أو تأويل ، أضف الى كل ذلك ما جاء بسورة البقرة ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) . وتفسير الأية لقوله تعالى : لا إكراه في الدين أي (( لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه ، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة ، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا . وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار ، وإن كان حكمها عاما )) / ” تفسير الأية لأبن كثير” على موقع أسلام أون لاين .. – أذن كان على أبو بكر أن يتبع كلام الله / دون غيره من نصوص ، مادام هناك أيات قرأنية تبحث بهذا الخصوص .

2. أفتقار الخليفة أبو بكر ، للأسلوب السياسي و التفاوضي مع المرتدين ، وتعمده الحرب دون أولويات أخرى قبل اللجوء للخيار للأسوأ ، وكأنه أيضا ليس ضليعا بالقرأن ، لانه لوكان كذلك لأتبع ما قاله تعالى في سورة النحل ” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” ( 125 ) ، ولكن أبو بكر ، أختار أقصر الطرق و أسرعها ، ولكنها الطرق الأكثر دموية ، وهي الحرب .. 3. سورة المائدة / أية 32 ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ ، ومن هذه الأية أيضا أرى أن قتل المرتدين غير مبرر لأنه يفتقر للأسناد ، وذلك لأن القرأن حددها بقتل نفس أو بالفاسد طبقا للأية ، و ايضا هنا يخفق أبو بكر ، لأنه خالف نص القرأن … ويقول ، بهذا الصدد الأستاذ الدكتور محمد علي لولي – رئيس سابق للمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان في مقال له بعنوان / قتل المرتد لا ينسجم مع حرية الأعتقاد التي أقرها الأسلام … نقل بتصرف من موقع الأخبار ، أنه ( ليس في كتاب الله حد قتل على غير هذين ، القاتل والمفسد في الأرض . وقد أعطى الله تبارك وتعالى للإنسان حرية الحياة وشدد محذرا من قتله .. ) .

4. كذلك الخليفة أبو بكر ، لم يتبع مبدأ الشورى ، وأهمل ما جاء بنص الأية التالية / سورة الشورى ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ) ، وفي موقع أسلام ويب ، يشرح أبن العربي الأية في كتابه الموسوم ” أحكام القرأن لأبن عربي ” ويقول .. ( فالشورة ألفة الجماعة ، ومسبار العقول ، وسبب الصواب ، وما تشاور قوم ألا هدو .. ) . ودليل أخر على أهمال مبدأ الشورى من قبل أبو بكر ، هو ما جاء” بمجلة البحوث الأسلامية ” ( وقد تكـلم الصحابة مع أبوبكر الصديق في أن يتركهم وما هم عليه / أي المرتدين ، من منع الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم ، ثم هم بعد ذلك يزكون فامتنع الصديق من ذلك وأباه ) .

5. مايحدث الأن له جذوره سابقا ، فعدم الأعتراف بالأخر ، ونكران حرية المعتقد ، وتكفير الاخرين ، وقتل المختلفين في الدين و المذهب و الطائفة ، وأن ما يتكرر الأن ، هو نفسه ما كان يحدث في زمن الخليفة أبو بكر الذي طمس أي حرية أو أختيار للقبائل … ويقول ” أ. د. حسني المتعافي ” في مقال بعنوان / الردة وحروب الردة

( أن حرية الإيمان هي حق من حقوق الإنسان ، ومن يريد أن يدعو إلى دينه أو أن يبينه للناس لا يجوز له أن يمنع الآخرين من أن يفعلوا مثله ، ولا وجود لعقوبة دنيوية على المرتد ، فالدين الذي يقرر بأقوى عبارات حرية الإيمان لا يعاقب من يمارس هذه الحرية ) .

6. أن الحرق الوحشي في قتل المرتدين ، هو ما نهجه أبو بكر ، والذي جعل الكثير من المنظمات الأرهابية تسنند على ما ذهب أليه من أفعال ، منها ما حدث مع ” الفجاءة ” : وإسمه إياس بن عبد الله بن عبد ياليل بن عميرة بن خفاف من بني سليم ، قاله إبن إسحاق ، وقد كان الصديق قد حرق الفجاءة بالبقيع في المدينة ، وكان سببه أنه قدم عليه فزعم أنه أسلم ، وسأل منه أن يجهز معه جيشاً يقاتل به أهل الردة ، فجهز معه جيشاً ، فلما سار جعل لا يمر بمسلم ولا مرتد إلاّ قتله وأخذ ماله ، فلما سمع الصديق بعث وراءه جيشاً فرده ، فلما أمكنه بعث به إلى البقيع ، فجمعت يداه إلى قفاه وألقي في النار فحرقه وهو مقموط . نقل بتصرف من كتاب / البداية والنهاية ل أبن كثير ، الحوادث الواقعة في الزمان ووفيات المشاهير والأعيان سنة إحدى عشرة من الهجرة – أبو بكر يقتل الفجاءة ، الجزء ( 9 ) رقم الصفحة ) 456 ( .

7. أرى أن أبو بكر كان مهتما وبشكل رئيسي بموضوع معين بحد ذاته ، موصوف واضح بين وجلي ، ألا وهو مفهوم ” الثروة للدولة الأسلامية الناشئة ” وديمومة هذه الثروة ، بعد وفاة الرسول ، والسعي الى فتح قنوات مالية جديدة مع الأحتفاظ بالمصادر القديمة من أجل أستمرارية الضخ النقدي الى ” بيت المال ” ، ولا يوجد مصدر دائم ومستمر مثل الزكاة ، نعم أن الأسلام كان سببا لحروب الردة ، ولكني أرى أن الثروة / أي الزكاة ، هو السبب الرئيسي لهذه الحروب .. ففي مقال بعنوان ” دعوة لاعادة كتابة التاريخ : حروب الردة هل هي ضد المرتدين ام ضد مانعي الزكاة ” على موقع / سودان أون لاين www.sudaneseonline.com نقل بتصرف يفيد بأن (( أطلعنا على هذه الحروب في مراحل دراستنا ، التي عرفت باسم حروب الرده ، وهكذا التصقت في اذهاننا ، والمدهش اننا ندرسها ومعها ندرس قولة ابوبكر الصديق ” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يعطوه لرسول الله لحاربتهم ” ، ولو تمعنا في هذا القول لوجدنا ، ان السبب الاساسي لهذه الحروب ، هو الامتناع عن اداء الزكاة ، وكلنا نعلم في تلك الظروف التي تولي فيها ابوبكر الصديق السلطة ، وكيف ان كثير من الصحابة كانوا لا يرون احقية لابوبكر الصديق في هذا المنصب ، واذا عدنا الى محاورة خالد بن الوليد مع احد قواد المتمردين ( المرتدين ) لوجدنا هذا القائد ” يؤمن بالله والرسول ، ولكنه لايرى احقية لأبوبكر في استلام الزكاة او دفعها اليه “، لا اشك مطلقا في ضرورية هذه الحرب من اجل توطيد السلطة الجديدة والدولة الناشئة ، ولا اشك اطلاقا في ان هناك بعض اللذين ادعو النبوة في ذاك الزمن ، لكن هذه دعوة لاعادة كتابة التاريخ )) .

ومضةالختام: لازالت حروب الردة ، بين المهتمين من كتاب وباحثين ودارسين … ، قضية خلاف وموضوع جدل بين مؤيدين وبين معارضين لها ، أن حروب الردة ظاهرها تثبيت الأسلام و الألتزام به ومعاقبة المرتدين عنه ، بأي طريقة كانت ، قتلا ذبحا صلبا حرقا ، أما حقيقتها فموضوعا أخر .. الأمر الأن يستدعي من البعض أعادة بناء رؤية مستحدثة لهذه الحروب ، لكي يتبين الحق البين من الزيف المخفي .. أن حروب الردة ، أراها ، ما هي ألا حروب هدفها ، ” تثبيت الدولة الأسلامية الفتية ، بعد ما أصابها من وهن بوفاة الرسول محمد ، وتثبيت مركز الخلافة في المدينة المنورة ، وأستمرار جباية الزكاة من القبائل لغرض مد بيت مال المسلمين بالأموال.. “، أما ما قتل من جموع فهم ذهبوا من أجل ” تحقيق وتثبيت وتركيز السلطة بيد الخليفة أبو بكر الصديق ” ، بغض النظر أن كان يستحق الخلافة أو أن كان غيره أولى بها !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات