لقد عانى الأطفال كثيرا من توجهات التنظيمات الارهابية ، وفي مناطق عديدة من العالم ، واتضحت تلك المعاناة بشكل جلي بأطفال العراق وسورية على ايدي تنظيم داعش الاجرامي .. ولم تقتصر المعاناة على تهجير الأطفال من مدنهم مع ذويهم ، وحرمانهم من ابسط مستلزمات الحياة ومواصلة دراستهم ، واجبارهم على العيش في ظروف صعبة ، وتعرضهم الى مشاكل صحية بسبب ذلك ، بل امتدت المعاناة الى ان كثيرا منهم فقد ذويه وأصبح بلا مأوى ولا راع ولا معيل .. هذه المأساة تتبعها مأساة أخرى ، تتمثل بتجنيد داعش للأطفال ، سالبين براءتهم عن طريق التدريب العنيف في معسكرات خاصة ، وممارسة القتل أمامهم ، بل اجبارهم على قتل الاسرى الذين يقعون بأيدي التنظيم .. فقد كشف عضو مفوضية حقوق الانسان مسرور اسود ان تنظيم داعش جند نحو (77) طفلا كانتحاريين بصفوفه .. مسرور أكد ان ظاهرة التسرب من المدارس أصبحت بنسبة 37% ، وكانت وزارة حقوق الانسان قد كشفت في وقت سابق ، ان تنظيم داعش يجند أطفالا اعمارهم فوق سن الـ 12 سنة ويرسلهم الى محافظة الانبار كانتحاريين ، وبينت الوزارة ان الانتحاريين يباعون عبر سلسلة من المراجع عند وصولهم الانبار ، وبأسعار تبدا بـ( 500 الى 3000 )دولار ، وفي وقت حذر باحثون من نشر صور الأطفال على الانترنت ، فان وسائل الاعلام كشفت في الآونة الأخيرة عن العديد من الحوادث المؤسفة ، حيث تعرضت بعض الصور الخاصة بالأطفال التي نشرت على موقع للتواصل الاجتماعي او اكثر على الشبكة العنكبوتية من قبل الاهل ، الى التحوير والسرقة من قبل غرباء، واستخدمت بطرق مسيئة ، او مايطلق عليه بلغة الانترنت عملية خطف رقمية .. حيث أشار اكثر من 46 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع الذي نظمة موقع (ماي فويجر كود) البريطاني ، الى انهم حُذفوا من قائمة اصدقائهم بسبب كثرة مشاركتهم وتوثيق كل صغيرة وكبيرة من حياتهم على مرآى الجميع ، الباحثون حذروا من مشاركة الصور العائلية بكثرة وخاصة الأطفال الرضع .. اذن العالم من حولنا يفكر بصغائر الأمور ، ومنها المشاركات العائلية لصور اطفالهم على مواقع التواصل الاجتماعي ، والآثار السلبية لهذه المشاركات على حياة الاطفال ومستقبلهم .. في حين تلجأ الجماعات المتشددة ومنها داعش ، وبوكو حرام ، الى خطف الأطفال وتجنيدهم ليكونوا انتحاريين ، وزجهم بدون وعيهم في محارق الموت والدمار.
فقد قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن : ان تنظيم داعش جند 400 طفل على الأقل في سورية خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، تحت مسمى (اشبال الخلافة) ، وقدم لهم تدريبا عسكريا ، ولقنهم أفكارا متشددة ، لانه من السهل غسل ادمغتهم ، وان التنظيم يشكلهم حسبما يريد ، ويمنعهم من الذهاب الى المدرسة ، بل انه يرسلهم بدلا عن ذلك الى مدارس تابعة للتنظيم .
تجنيد الأطفال يبدأ بمن هم دون سن الـ(18)عاما ، ويتم ذلك قرب المدارس والمساجد ، وفي الأماكن العامة التي ينفذ فيها التنظيم عمليات القتل والعقوبات الوحشية على السكان المحليين . المشكلة ان ذوي الأطفال يُغرون بالمال امام التخلي عن أطفالهم ، الذين عادة مايدخلهم التنظيم في معسكرات يتدربون فيها على اطلاق الذخيرة الحية ، وخوض المعارك وقيادة السيارات ، وكذلك يجندون كمخبرين وحراس لمقار التنظيم .
ولو قارنا هذا بذاك ، ففي حين يدعو العالم الغربي المتحضر ، الى عدم الاكثار من المشاركة بصور الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي ، يحصل هذا لاطفال الشرق ، خاصة في سوريا والعراق ، ليس هذا وحسب ، بل ان مايتعرض له أطفال اخرون في ضفة أخرى من العالم ، يعد كارثة حقيقية ، يجب ان يلتفت اليها المجتمع الدولي ، ويتخذ الإجراءات اللازمة لمنعها او الحد منها ، وتوفير الحماية اللازمة للاطفال ، فقد قامت جماعة بوكو حرام باختطاف (500) طفل من بلدة (داماساك) في شمال نيجيريا عند مغادرتهم البلدة بعد طردهم منها .
المعلومات تشير الى ان حالات خطف الأطفال في نيجيريا ازدادت مؤخرا ، فقد قامت هذه العصابات باختطاف (200) تمليذه في مدينة باما شمال شرق نيجيريا ، حدث هذا في شهر نيسان من العام الماضي 2014 ، وقامت تلك العصابات منتصف الشهر نفسه باختطاف ( 276 ) طالبة من مدرسة ثانوية في بلدة تشيبوك بولاية برنو ، هذا هو حال الأطفال في اسيا وافريقيا ، وشركات الفديو تصنع أفلاما واقراصا مدمجة وبرامج تعتمد العنف منهجا .. هذه المنتجات الالكترونية باتت جزءا من حياة الأطفال في كل مكان في العالم ، حتى أصبحت جزءا من اثاث غرف نوم الأطفال ، فأية أجيال ننتظر من آثار خطرين قائمين .. تنظيم متشدد ، وشركات غير مسؤولة تنتج العنف على شكل أقراص تسلية ، وتزرع في نفوس الأطفال بذور الانتقام وكراهية الاخر ، بينما يسعى الأباء الى اقتناء هذه المنتجات لارضاء ابنائهم.